IMLebanon

أوباما امتدح ايران …  فكيف رد المرشد الأعلى ؟

كانت الصدمة التي شعرت بها الدبلوماسية الأميركية كبيرة بعد الخطاب الأخير لمرشد الثورة الايرانية السيد علي الخامنئي الذي أكد فيه استمرار الصراع ضد الهيمنة الاستكبارية للولايات المتحدة حتى بعد التوصل ل الاتفاق النهائي حول الملف النووي، ومصادقة مجلس الأمن الدولي عليه. وتضاعفت مشاعر الصدمة وبخاصة بعد ما قاله الرئيس أوباما عن ايران في حديثه المتفجر الأخير الى توماس فريدمان في ال نيويورك تايمز. وقد امتدح أوباما ايران كدولة حضارية تملك تاريخاً عريقاً، وقاعدة علمية وتعليمية صلبة، وشعباً راقياً…. وكانت الدبلوماسية الأميركية تنتظر رد التحية بمثلها، فجاءت الصفعة من المرشد!

***

ما أكد عليه المرشد الأعلى هو أمران: الأول، عدم تغيير السياسة الايرانية المتبعة حيال أميركا. والثاني، مواصلة الدعم الايراني لحلفائها في المنطقة العربية. وما حدث هو نوع من التضخيم المزدوج لهذا الموقف الايراني، أولاً من قبل معارضي الاتفاق النووي، لاستخدامه كسلاح ضد الرئيس الأميركي. وثانياً من الدبلوماسية الأميركية نفسها بهدف الضغط لاستصدار موقف ايراني جديد أكثر توازناً. وواقع الأمر أن خطاب المرشد كان مدروساً بدقة، ولم يكن يبحث عن أية استثارة شعبية أو جماهيرية، وهو أصلاً لا يحتاج الى هذا الأسلوب!

***

التدقيق في خطاب المرشد يؤكد على الاتفاق النووي وحده، وعلى أن التفاوض لم يشتمل على أية قضايا أخرى، لا في ما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين واشنطن وطهران، ولا بغيرها من ملفات المنطقة الأخرى. ومعنى ذلك أن الدبلوماسية الايرانية تتبع الأسلوب نفسه للدبلوماسية الأميركية، من حيث الامتناع عن الدفع سلفاً، وعدم تقديم الهدايا والاكراميات السياسية، تبعاً للمقولة الأميركية الشهيرة: لا شيء مقابل لا شيء! وبعبارة أوضح، فان كلام المرشد ينطوي ضمناً على دعوة الى الولايات المتحدة فحواها، انها اذا كانت تريد علاقات ثنائية أفضل، أو البحث في حلول لأزمات المنطقة، فعليها أن تبادر الى اجراء مفاوضات حول كل ملف على حدة، على غرار ما جرى في لوزان حول الملف النووي!

***

رفض الرئيس اوباما، في حديثه الى توماس فريدمان، اعتبار ايران شيطان المنطقة… ولكن المرشد لم يرد بالتراجع عن تسمية أميركا ب الشيطان الأكبر، وفضل السكوت، تاركاً الأمر الى توقيت وظروف أفضل. وعلى الأرجح وهذا تقييم شخصي أن المرشد فهم أبعاد اشارة أوباما عندما شبّه ما فعلته ادارته في الملف النووي مع ايران، بما فعله الرئيس ريغان بالاتفاق مع الاتحاد السوفياتي، وما فعله الرئيس نيكسون بايفاد كيسنجر، والاتفاق مع الصين. والمعنى الضمني لهذه الاشارة هو انه بالرغم من الاتفاق مع السوفيات فان اميركا استمرت بالحفر لزعزعة الامبراطورية السوفياتية وهدمها… وانه بالرغم من الاتفاق مع الصين، فان اميركا مستمرة في عهد أوباما وما بعده، لتطويق الصين والعمل على زعزعتها وهدمها اذا أمكن! وكأنما المرشد أراد أن يقول لأميركا بصورة غير مباشرة إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين!