IMLebanon

مخاطر أوباما؟!

كيف يمكن أن تمرّ جملة من نوع أن «داعش» لا يشكل «خطراً وجودياً« على الولايات المتحدة، على لسان مستر أوباما في خطابه الأخير عن حال الاتحاد أمام أعضاء الكونغرس بمجلسيه.. ثم يقف هؤلاء استحساناً وتصفيقاً لهذا الإعجاز الإنشائي غير المسبوق!!!

كيف يمكن لرئيس أميركي بنى خطاباً طويلاً عريضاً على مسلّمة أن بلاده هي «الأكبر» و»الأقوى» في العالم، أن يمرر رأياً أو خلاصة أو فكرة من نوع أن «وجود» أميركا غير مهدد بالإرهاب الآتي من «أشخاص نفوسهم معذبة، يتآمرون في شقق أو مرائب سيارات»؟؟

ليس أمراً بسيطاً، بل بالغ الغرابة، أن يخرج رئيس الولايات المتحدة على النخبة السياسية الرائدة في بلاده، ليقول لها ولملايين الأميركيين من خلفهم، بأن عقله استطاع أن يستبدل إرهاباً عشوائياً، بالترسانة النووية الروسية مثلاً، في معرض الحديث عن «المخاطر الوجودية»!

محرّك هذه الغرابة هو عقل خبيث ينتج ثرثرة تهويلية لتبرير أشياء خطيرة في سياسات خارجية جعلت العالم برمّته يعود القهقرى الى زمن الثنائية القطبية التي رعت في الحرب الباردة حروباً صغيرة امتدت من أميركا اللاتينية الى أفريقيا الى جنوب شرقي آسيا مروراً بالشرق الأوسط.. ثم لتبرير سقوط أخلاقي مرادف للسقوط السياسي أمام قوى وأنظمة استبدادية لا تقل ممارساتها سواداً وظلاماً ووحشية عن ممارسات جماعات إرهابية مشبوهة وموبوءة من أولها الى آخرها.

وفي مكان ما، يتلاقى مستر أوباما مع هلوسات المرشح الجمهوري دونالد ترامب في إرجاع (واختصار) أبرز التحديات التي تواجه هذه الدولة العظمى الى معطى يتصل في زبدته بالإسلام الأكثري!

في هذه اللعبة الإعلامية والسياسية لا يختلف ربط أوباما «المخاطر الوجودية» بالارهاب الداعشي، حتى من باب النفي، عن تسعير الشعبوي ترامب، مشاعر عدائية ضد الاسلام وأهله، واعتبار ذلك المعطى، أحد أهم الدوافع التي يستند إليها للصعود الى البيت الأبيض.

يعرف أساطين الاعلام والتعبئة والتبليغ عموماً وفي الادارة الأميركية الراهنة خصوصاً، أن مجرد الربط بين مصطلحي مخاطر «الوجود» والإرهاب هو ترسيخ للفكرة حتى في معرض نفيها مثلما حاول أن يفعل أوباما بخبث موصوف.. وهو بعد ذلك محاولة لزرع قبول في لا وعي المتلقي الأميركي، للسياسات التي تجاهلت جرائم حرب وإبادات واستخدامات لأسلحة دمار شامل وممارسات قروسطية سجلت وتسجّل في سوريا في حق مئات الألوف من المدنيين، في مقابل التركيز على ممارسات متفرقة مخزية نفّذتها عصابات إرهابية تحت شعار «الإسلام«!

يمكن للبعض أن يقول إن أوباما حقّق لبلاده إنجازات كثيرة من نوع إخراجها من أزمتها الاقتصادية، ومن تورطها الاستنزافي في أفغانستان والعراق.. إلخ. لكن لا يمكن لعاقل في المنطقة العربية سوى أن يختصر زبدة نتاج هذا الرجل بحقيقتين كبيرتين. الأولى ان «نكبة فلسطين» لا تزال كما هي، بل جرى في عهده نسف ما بُني على مدى 25 عاماً لمحاولة إيجاد حل مقبول إلى حد ما لها. والثانية، أن نكبة أمرّ وأقسى وألعن أصابت العرب والمسلمين في سوريا، وان هذه المنطقة في الإجمال دخلت (برعايته) في أخطر وأسوأ مراحلها على الاطلاق!

.. إرهاب و»مخاطر وجودية» يا مستر أوباما؟!!