IMLebanon

اوباما ورقة ايران  في اتفاق فيينا

الشرق الاوسط يدخل فصلا لا سابق له في مرحلة التحولات الدراماتيكية منذ الثورة الاسلامية في ايران عام ١٩٧٩. وليس اهم من التحولات التي قادت الى الاتفاق النووي بين ايران والدول الست، وعمليا بين واشنطن وطهران، سوى التحولات التي يقود اليها الاتفاق كما يتصور كثيرون. فلا اتفاق فيينا نهاية لعبة نووية بل بداية جديدة في لعبة اكبر بأبعادها الجيواستراتيجية والجيوسياسية والجيواقتصادية. ولا ما تستعد له عواصم المنطقة والعالم بعد ليالي الاثارة في فيينا سوى ليالي الاحلام في بعضها وليالي الكوابيس في بعضها الآخر.

ومن الطبيعي ان يسارع كل طرف الى تسليط الاضواء على ما سجله من اهداف. فالرئيس حسن روحاني حدد اهداف ايران بأربعة قال انها تحققت، وهي الحفاظ على التكنولوجيا النووية، الغاء العقوبات الاقتصادية، الغاء قرارات مجلس الامن، واخراج الملف النووي من الباب السابع للميثاق. ولم يكتم فرحته بفتح صفحة جديدة في المنطقة ضمن مبدأ الحوار يحل الازمات. والرئيس باراك اوباما ركز على الهدف المهم في رأيه، وهو ان الاتفاق قطع على ايران طريق الحصول على اسلحة نووية.

والواقع ان اقوى ورقة لعبتها طهران على طاولة فيينا كانت مواقف أوباما التي قرأتها جيداً. فالرئيس الأميركي راهن على خيار وحيد هو صفقة مع ايران لسببين: أولهما انها تشكّل ما بقي من أحلامه عن التحولية التي رفع شعارها، كما يقول مسؤول أميركي سابق. وثانيهما انها تنقذه مما يخيفه ويريد تفادي الوصول اليه ضمن رؤيته للتحدي النووي الايراني، حسب غاري سامور المستشار في نزع السلاح: حرب ان لم تتم السيطرة على البعد العسكري للمشروع، وانتشار نووي ان لم يتم منعه. فضلاً عن ان اعطاء الأولوية للصفقة النووية منع أوباما من فعل أي شيء يغضب طهران في لبنان وسوريا والعراق واليمن.

لكن دول المنطقة، باستثناء اسرائيل النووية التي تلعب على الخوف والتخويف من ايران نووية، تركز على خطر المشروع الجيوسياسي الايراني. فلا هي تأخذ بنظرية أوباما والأوروبيين التي خلاصتها ان الانفتاح على ايران بإلغاء العقوبات ومعاودة الاستثمار في الاقتصاد الايراني يقود الى انفتاح سياسي في الداخل واندماج في النظام الدولي. ولا هي ترى في مفاعيل الاتفاق النووي سوى اعطاء ايران المزيد من الأوراق والأسلحة للهيمنة واللعب على خارطة الشرق الأوسط.

ولا حدود لدهاء الايرانيين في بيع ما لم يملكوه بعد بثمن سياسي واقتصادي كبير، مع الحفاظ على المشروع واكتساب كل الخبرة بما يكرّس ايران دولة عقبة نووية.