عشية توجه وزير الخارجية الأميركي جون كيري الى جنيف للقاء نظيره الإيراني جواد ظريف لتمهيد السبيل كما قيل لمفاوضات في شأن برنامج طهران النووي بهدف تحقيق تقدم اكبر، حذرت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الامم المتحدة سامنتا باور الكونغرس الأميركي من ان فرض عقوبات جديدة على إيران سينسف على الارجح المفاوضات الهادفة الى التوصل الى اتفاق على البرنامج النووي الإيراني. وقالت ان تشديد العقوبات سيعزل الولايات المتحدة في استراتيجيتها في التعامل مع تطلعات طهران النووية وسيضعف الضغوط الدولية المشتركة. وهذه التحذيرات من دور للكونغرس في افشال اي اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني ليست جديدة وحفل بها الاعلام الأميركي لأسابيع خلال المهلة الاخيرة من المفاوضات باعتبار ان الرئيس الأميركي باراك أوباما تملكته خشية كبيرة ولا يزال من تعطيل الكونغرس مفاعيل المفاوضات القائمة مع طهران واستعداده عشية انتقال الكونغرس الى غالبية من الحزب الجمهوري الى كباش حاد لن يكون سهلا بالنسبة اليه في السنتين الاخيرتين من ولايته الثانية في ظل سعيه لان يكون الاتفاق مع طهران حول ملفها النووي انجازه الابرز الذي سيتركه كرئيس للولايات المتحدة. اذ كشف ديبلوماسي غربي زائر مطلع وفق ما ينقل عنه مسؤول لبناني رفيع انه على عكس ما سرى على اثر تمديد المفاوضات في تشرين الثاني الماضي سبعة اشهر اضافية للعجز عن التوصل الى اتفاق نهائي كان مقررا في هذا الموعد بعد توقيع اتفاق موقت بين الدول الخمس الكبرى زائد المانيا مع إيران لتعليق النشاط النووي في مقابل تخفيف بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على هذه الاخيرة، لم تكن هناك مشكلة حقيقية في اتفاق بدا محتملا وشبه نهائي قبل شهرين، لا بل هو مكتمل العناصر. وبدا الامر مفاجئا جدا للجانب اللبناني من اللقاء لان ما اعلن كان مغايرا كليا لما سرب من معلومات وخلاصات عن الاجتماعات الاخيرة بين مجموعة الدول الخمس الكبرى زائد المانيا مع طهران فضلا عن ان اي معلومات مغايرة لما اعلن لم يكشف عنها لا اعلاميا ولا سياسيا حتى الان ما يترك مجالا كبيرة للشكوك في صحة هذه المعلومات أو دقتها. الا ان المسؤول اللبناني الرفيع نقل عن الديبلوماسي الزائر ان من اوقف الاتفاق النهائي هو الرئيس باراك أوباما نفسه ولم تكن ثمة عرقلة أو شروط من فرنسا أو من المملكة السعودية وفق ما سرى من معلومات على اثر التأجيل أو التمديد الذي حصل في تشرين الثاني من العام المنصرم نظرا الى التحفظات كبيرة لدى كل من العاصمتين وشروط تردد ان كلا منهما يريانها ضرورية لضمان التأكد من النيات الإيرانية. اذ تفيد المعلومات التي كشفها الديبلوماسي الزائر على ذمة من ينقل هذه المعلومات عنه ان وزير الخارجية الأميركي كيري كان على وشك زيارة كل من العاصمتين الفرنسية والسعودية في مسعى لدى كل من باريس والرياض من أجل تسويق بنود الاتفاق النهائي مع طهران، الا ان أوباما هو من اوقفه في اللحظة الاخيرة عن القيام بهاتين الزيارتين. اما الاسباب التي حدت أوباما على ذلك، فهي وفقا للديبلوماسي الزائر نفسه تتصل بمخاوفه من ان الكونغرس الأميركي لن يكون متجاوبا أو مستعدا للموافقة على اتفاق نهائي يحصل مع طهران خصوصا في هذه المرحلة بالذات. ومع ان الكونغرس الأميركي شهد انتصارا كاسحا للحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية التي جرت في الخامس من تشرين الثاني من العام الماضي على نحو ادى الى خسارة الحزب الديموقراطي الذي ينتمي اليه الرئيس أوباما غالبية مجلسي الشيوخ والنواب مما يضعف امكان تمرير القرارات التي يتخذها البيت الابيض، فإن المعلومات تفيد ان خشية الرئيس الأميركي من عدم موافقة الكونغرس لا تعود الى فوز الجمهوريين بغالبية الكونغرس بعد هذه الانتخابات، بل ان خوفه من موقف الكونغرس سابق لهذا التغيير. اذ ان الحزب الديموقراطي يلاقي موقف الحزب الجمهوري في الموقف من إيران على نحو لا يجعل أوباما مطمئنا الى امكان تمرير اتفاق محتمل معها. وعلى رغم الاعتقاد الكبير السائد من ان لاسرائيل يدا كبيرة في اطلاق المواقف المتشددة من اي اتفاق نهائي مع طهران حول ملفها النووي اولا نتيجة الموقف المعلن لتل ابيب في هذا الصدد والذي كان اشبه بوضع العصي في الدواليب في اي مسعى دولي لانجاز اتفاق بين الدول الخمس الكبرى زائد المانيا مع طهران، وثانيا نتيجة التأثير الكبير الذي لاسرائيل على الكونغرس الأميركي خصوصا بعد سيطرة الحزب الجمهوري على غالبيته في المجلسين، فان المعلومات المتوافرة في هذا الاطار تتحدث عن عداء أميركي صاف في مجلسي النواب والشيوخ لإيران وعدم ارتياح لمخططاتها واهدافها فضلا عن عدم الثقة بها، وهو المؤثر على أوباما اكثر مما يشكله موقف اسرائيل، وفق ما ينقل عن الديبلوماسي الزائر. ومن هنا الحذر الذي لعب دورا في تأجيل أو تمديد المفاوضات استنادا الى استغلال الاشهر المقبلة الفاصلة عن الموعد النهائي الذي حدد في حزيران المقبل بموجب التمديد سبعة اشهر اضافية، من أجل ازالة العراقيل وتمهيد الاجواء الممهدة أمام الاعلان عن اتفاق نهائي لدى الجانبين الإيراني والأميركي على حد سواء.