IMLebanon

بين الاضطراب الفرنسي والمآزق الروسية أوباما يقوّي موقفه بمزيد من الابتعاد

اكد الرئيس الاميركي باراك اوباما عشية عطلة عيد الشكر وعلى اثر اجتماعه مع فريق الامن القومي الاميركي ،انه ليست لدى اجهزة الاستخبارات اي ادلة محددة ومؤكدة على احتمال حصول اعمال ارهابية في البلاد ، مخففا على نحو مباشر من تأثير او مفاعيل ما كان قاله في اثناء المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند من ان تنظيم” الدولة الاسلامية “يمثل اكبر تهديد للولايات المتحدة في الوقت الذي تعم العالم موجة مخاوف من هجمات ارهابية . ففي مقابل هذه النقطة الاخيرة تستطيع الولايات المتحدة ان تواجه الحرب ضد تنظيم “داعش” من دون معارضة داخلية كبيرة . لكن في حمأة المسارعة الفرنسية الى تأمين تحالف واحد ضد تنظيم” الدولة الاسلامية “على اثر الاستهداف المباشر الذي تعرضت له باريس في 13 من الشهر الجاري وذلك من خلال الجولة التي بدأها الرئيس الفرنسي في اتجاه الولايات المتحدة وروسيا في الدرجة الاولى، اضافة الى حلفائه الاوروبيين، يستطيع اوباما الذي يتعرض لانتقادات كبيرة لاسلوبه في مقاربة الحرب السورية وتراجعه عن وضع الخط الاحمر الذي رسمه حول استخدام النظام السوري الاسلحة الكيميائية ضد شعبه ان يوصل رسالة الى الاميركيين تطمئنهم الى المخاطر المضبوطة من جانب تنظيم “الدولة الاسلامية”. ويمكن طابع الارتياح الذي قد يعممه اوباما ان ينسحب ايضا في ما خص ما واجهته روسيا استنادا الى تنبّئه مع تدخل هذه الاخيرة مطلع تشرين الاول الماضي في سوريا من اجل انقاذ النظام، بان روسيا ستغرق في سوريا وذلك في ظل حادثين خطيرين واجهتهما روسيا حتى الان، احدهما هو اسقاط الطائرة المدنية الروسية التي انطلقت من شرم الشيخ فوق سيناء ومن ثم اسقاط تركيا طائرة حربية روسية اخترقت مجالها الجوي لثوان . ومع ان تورط فرنسا ضد تنظيم “الدولة الاسلامية “في العراق وسوريا هو من ضمن القيادة الاميركية للتحالف الدولي ضد التنظيم ولم تكن مرة منفردة ، الا ان لفرنسا خصوصا واوروبا عموما حسابات اخرى على ما يبدو بالنسبة الى استهدافها من الارهابيين تكرارا في السنة الماضية الى الحد الذي بات يتعين على الفرنسيين تبني السؤال الذي استخدمه الاميركيون بعد اعتداءات ايلول الارهابية في الولايات المتحدة العام 2001 وهو لماذا يكرهوننا ، خصوصا ان غالبية الارهابيين في الحوادث المختلفة التي وقعت هذه السنة يحملون الجنسية الفرنسية .

هناك رأي واسع منتقد لاوباما في منطقة الشرق الاوسط على قاعدة ان ادارته ساهمت في تفاقم تطورات المنطقة انطلاقا من ان انسحابها من العراق ساهم في وضع ايران يدها على العراق، في حين ان عدم رغبة هذه الادارة في الانخراط جديا في سوريا سمح لروسيا في السنة الخامسة للحرب السورية المستمرة بالسعي الى ملء الفراغ الذي حصل نتيجة تغييب الولايات المتحدة نفسها عن الامساك بناصية الامور.

الان يستطيع الرئيس اوباما الذي ووجه ولا يزال بانتقادات واسعة داخل الولايات المتحدة وفي العالم لتقاعسه عن قيادة حل سوري قبل عامين او اكثر، وفي ظل ما تواجهه فرنسا او ما تواجهه روسيا ،ان يبيع الاميركيين فكرة انه عزل الولايات المتحدة بنسبة كبيرة عن ردود فعل انتقامية لو كان التزم اكثر بشؤون المنطقة بدلا من انسحابه منها من دون ان يتخلى عن قيادة الرأي او الاتجاه المعاكس للذي تدفع به روسيا في سوريا. فزيارة هولاند الى واشنطن اعادت الاعتبار الى موضوع عدم امكان ان يكون لبشار الاسد اي مستقبل في سوريا في حين بدا ان الموقف الرسمي الفرنسي اهتز في العمق بعد اعتداءات باريس فوضع الحرب على” داعش” في المقدمة على نحو لم يخف ضعفا في الموقف من بشار الاسد او على الاقل عدم ادراجه كاولوية كانت في مقدمة الاولويات الفرنسية في مقاربة الوضع السوري. كما بدت الولايات المتحدة صارمة في دعم تركيا في موضوع الدفاع عن سيادتها واسقاط الطائرة الحربية الروسية وان مع عدم الرغبة في التصعيد بين روسيا وتركيا ومعها دول حلف شمال الاطلسي. في المقابل بدا الدفع من جانب هولاند في اتجاه تحالف دولي واحد في وجه “داعش “واعتزامه زيارة روسيا لهذه الغاية كأنه يصطدم بواقع عدم وجود رؤية موحدة للنتائج المرجوة لهذه الحرب وما اذا كانت ستخدم بشار الاسد وفقا لماهية الهدف الذي تعتزم روسيا تحقيقه خصوصا من خلال استهدافها المعارضة بدلا من” داعش”، او انها ستؤدي الى المساعدة في حل سياسي ينهي حكم الاسد بدلا من ابقائه.

تقول مصادر مراقبة ان من دلالات اسقاط تركيا الطائرة الروسية انها حصلت غداة زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لطهران والاتفاق على مقاربة واحدة للحرب السورية في ما يمكن تفسيره ، متى تعدى اعتبار اسقاط الطائرة حادثا نتيجة اخطاء او التباسات معينة بل اعتبار انه متعمد ، بتوجيه رسالة الى عدم استتباب الامور لهذا التحالف وفق ما يرسم وان هناك خطوطا يتعين عدم المس بها او تجاوزها لجهة ليس ان ما يقرره هذان الطرفان في السعي الى ابقاء بشار الاسد سيسمح به الاخرون . وتأكيد اوباما في المؤتمر الصحافي مع هولاند الموقف من ضرورة عدم امكان بقاء الرئيس السوري يصب في هذا الاطار انطلاقا من ان الاطراف المعنيين او المنخرطين في الازمة السورية يرسمون الاطر المحكمة استباقا لجلوس الافرقاء السوريين الى طاولة المفاوضات من اجل التحكم بنتائجها شأن اصرار ايران وسوريا على ان الشعب السوري هو من يقرر مصير الاسد ،في الوقت الذي يحاربان من اجل بقائه.