Site icon IMLebanon

أوباما يريد الاتفاق «النووي» ولكن «ليس» بأي ثمن

أ

لا تزال الاهتمامات السياسة داخلياً وخارجياً تتركز على مصير التفاوض الدولي مع إيران حول إنهاء البرنامج النووي الإيراني، لما لهذا الملف واتضاح مساره من انعكاسات على أوضاع لبنان والمنطقة فضلاً عن تأثيره في العلاقات الدولية الايرانية.

وتكشف مصادر ديبلوماسية بارزة، ان جولات التفاوض الأخيرة بين الغرب وإيران والتي انعقدت على هامش افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في دورتها الـ69 العادية لتسعة أيام، لم تحقق أي تقدم فعلي، على الاطلاق. حتى أنه لم تكن هناك أي توقعات بأن تحقق الجولة التي انتهت أمس في فيينا اي تقدم، والسبب يعود الى أن إيران لم تقدم التنازلات التي يطلبها الغرب لا سيما في خفض معدلات تخصيب اليورانيوم وأجهزة الطرد المركزي. إذ ان ايران غير مقتنعة بالتخفيف من امكاناتها النووية. الغرب يطلب هذا الخفض بحيث لا يمكنها التوصل الى القنبلة الذرية لا في وقت قريب ولا على المدى البعيد. وهذا المطلب أساسي بالنسبة إليه، وهذا هو شرط الاتفاق النهائي.

الموقف الايراني يخيف الغرب، بحيث ان احتفاظ ايران بكافة مقومات انشاء القنبلة ولو في مرحلة تفاوض أو اتفاق من دون أن ينص على هذه النقطة، يمكّن إيران من إنشاء القنبلة سريعاً.

الغرب الآن أمام مأزق في عملية التفاوض. فهل يعلن رسمياً فشل التفاوض؟ أم يتريث في ذلك. ويعطي مزيداً من الوقت أمام احراز تقدم جوهري في التفاوض؟ ليس جيداً بحسب المصادر، اعلان الفشل، وخصوصاً ان الغرب بات الآن في المنطقة مجدداً من خلال التحالف لضرب الارهاب. وأي اعلان للفشل قد يجعل ايران تأخذ مواقف مضادة لمواقفه في المنطقة، مع الاشارة الى انه بالنسبة الى محاربة الارهاب ايران لديها أهداف التحالف نفسها، لكن كانت تفضل أن تكون جزءاً منه، بالاضافة الى النظام السوري، انما إيران غير منزعجة من ضرب «داعش» من جانب التحالف.

التفاوض مع ايران سيستكمل حتى 24 تشرين الثاني الموعد المحدد الذي تم تجديد التفاوض وفقاً له، ولم يتمدد مدته ستة أشهر جديدة، بل أقل من ذلك لأن الستة أشهر تنتهي في 20 كانون الأول المقبل. وكان موعد البدء بتنفيذ الاتفاق الدولي حول النووي في 20 كانون الأول الماضي. هناك فترة تفاوض، ستستمر حتى 20 كانون الأول، لكن من المحتمل جداً تمديد التفاوض بناء على ايجاد صيغة ديبلوماسية من أجل تجنب اعلان الفشل لأن الابقاء على التفاوض يبقى أفضل.

لكن المصادر، لا تستبعد أن يقوم كل طرف على الأرض، وفي المنطقة، بتحقيق مكاسب نتيجة عدم توصل التفاوض الى نتيجة، أو اذا ما أعلن الفشل. بحيث يكون الهدف تسجيل نقاط على الأرض يستخدم للضغط في التفاوض، لا سيما وان الصراع على أشده في المنطقة.

فرنسا من بين أكثر الدول الغربية تشدداً في الموضوع النووي. انما ليس من الصعب الطلب اليها من قيادات لبنانية ان تتدخل مع ايران لتسهيل حصول للاستحقاق الرئاسي. فيمكن لفرنسا ان تطلب من ايران على الرغم من صعوبة التفاوض النووي إبداء مرونة أكثر للتوصل الى تفاهم مع الخليج لتمرير الاستحقاق الرئاسي. حتى الآن التجاوب الايراني صعب، لكن ان أرادت طهران ابداء حسن نيّة في مكان ما فيمكنها الاستجابة، اذ يمكن تبعاً لذلك تمرير الاستحقاق أولاً بحسب تقاطع الظروف الدولية الاقليمية..

الرئيس الأميركي باراك أوباما محرج الآن وهو كان يأمل لو تحقق تقدم في التفاوض مع ايران، لا سيما وانه على أبواب انتخابات الكونغرس. حتى الآن لا تزال الادارة الأميركية تقنع الكونغرس بعدم فرض عقوبات على ايران. والأخير يتمسك بفرضها وهو أعدّ جدول عقوبات جديدة. لكن اذا فرضت عقوبات حالياً تخرج ايران من التفاوض، كما انه اذا أرجئ التفاوض الى ما بعد 24 تشرين الثاني المقبل فسيكون من الصعب اقناع الادارة الكونغرس بعدم فرضها، بسيب عدم حصول تقدم. الاحتمال الأقرب هو التمديد للتفاوض للهروب من اعلان الفشل. لكن على الرغم من ذلك ثمة صعوبة أمام ايران في التخلي عن نسبة عالية من امكاناتها النووية. مرشد الثورة علي خامنئي أدرج على موقعه الإلكتروني، شروط إيران وخطوطها الحمر. وكلها تتناقض مع ما يمكن أن يقبل به الغرب، وصدور ذلك عن مرجعية كهذه يعني ان ايران لا تنوي التنازل، أو تقديم شيء فعلي. انه قرار سياسي كبير لدى إيران لا تزال تجد صعوبة في التخلي عن برنامجها. أوباما يريد الاتفاق لكن ليس بأي ثمن، والثمن هو أن لا تكون ايران قادرة على امتلاك القنبلة بسرعة ولاحقاً.

الخليج اذا فشل التفاوض قد يكون مرتاحاً، لكن ليس لأنه لا يريد القنبلة، انما لأنه يخاف من التقارب الغربي الايراني في ظل التحالف الدولي الراهن لمكافحة الارهاب، الخليج يعود بذلك المحاور الأول للغرب، فإذا فشل التفاوض تكون إيران أضعف.