قبيل ساعات من بدء قمة كمب ديفيد أدلى باراك أوباما بتصريحات من الواضح انها تهدف الى إزالة الشكوك العميقة لدى ضيوفه الخليجيين، الذين ذهبوا الى القمة بشعور واحد تقريباً، وهو انها قمة الحافة أو قمة المصارحة الحاسمة، التي ستضع على الطاولة كل الهواجس حيال التهافت المريب لإدارة اوباما على ايران وتوقيع الاتفاق النووي معها وما يستتبعه من رفع للعقوبات المفروضة عليها.
ما قاله أوباما عن ايران لم يقله مسؤول في الخليج حيث يغلب الإيحاء الهادئ على الإتهام الصريح، فقد كان من الغريب ان يضع أوباما في حديثه الى صحيفة “الشرق الاوسط”، نقاطاً اميركية مفاجئة على حروف أبجدية الإتهامات الخليجية الطويلة والمزمنة لايران وسياسة العربدة التي تتبعها في المنطقة!
ما هو أغرب من الإتهامات التي وجّهها أوباما الى ايران، انخراطه الحماسي معها منذ اعوام وراء أبواب مغلقة، في محادثات محمومة هدفها التوصل الى اتفاق نووي سيوقع في نهاية حزيران المقبل، لكن المثير ان يكون متهافتاً عليها الى درجة المغامرة بتخريب تحالف اميركا التاريخي مع السعودية ودول الخليج، وان يقول الآن حرفياً:
“من الواضح ان ايران منخرطة في تصرفات خطيرة ومزعزعة لإستقرار دول عدة في انحاء المنطقة، وان ايران هي دولة راعية للإرهاب، وهي تساهم في مساندة نظام الاسد في سوريا، وتدعم “حزب الله” في لبنان وحماس في غزة، وهي تساعد الحوثيين في اليمن، ولهذا فان دول المنطقة على حق في قلقها العميق من نشاطات ايران، وخصوصاً دعمها لعملاء يعملون بالوكالة يلجأون الى العنف داخل حدود دول أخرى”!
الغريب أيضاً انه يطرح سؤالاً يفترض ان يطرحه الخليجيون وان يرد هو عليه، عندما يقول إن من المهم ان نتذكر ان ايران تتورط فعلاً في هذه النشاطات من دون ترسانة نووية، ويمكننا ان نتصور كيف يمكن ان تصبح أكثر استفزازاً اذا كانت تملك سلاحاً نووياً!
المقصود بهذا محاولة تصوير الاتفاق معها بأنه سيمنعها من التسلح نووياً وأنه سيكبح عربدتها في المنطقة، وان على الحلفاء الخليجيين ان يطمئنوا ويناموا على حرير قوله “إن أميركا على إستعداد لإستخدام كل عناصر القوة المتاحة لنا من أجل تأمين مصالحها، ويجب ألا يكون هناك أي شك في التزام اميركا أمن المنطقة والتزامنا شركاءنا في دول مجلس التعاون الخليجي”.
لكن الشكوك الخليجية عميقة ومحقة قياساً بالتدخلات الإيرانية التي وصلت الى حد القول إن طهران باتت تسيطر على أربع عواصم عربية، ولم يصدر تعليق واحد من واشنطن بل على العكس كان أوباما يلهث وراءها لمصالحتها… لهذا المطلوب صدقية وروزنامة تلزم أوباما الكلام الذي أدلى به!a