Site icon IMLebanon

أوباما لن يطلق «رصاصة الرحمة» على الأسد

في ظل التطورات الميدانية الأخيرة التي أظهرت تراجعاً كبيراً في قدرة جيش بشار الأسد على الصمود، وارتفاعاً في مستوى التنسيق بين قوى معارضة متنوعة، وكشفت الترابط المباشر وغير المباشر بين نظام دمشق و»داعش»، وزادت من ضغوط مطالبي الإدارة الأميركية بالتحرك للتعجيل بسقوط النظام، سارعت إسرائيل إلى تكرار «كلمة السر» في الأزمة السورية: الوضع الحالي مريح بالنسبة إلينا واستمرار القتال سنوات أخرى يريحنا أكثر.

وفي الواقع، لم يكن باراك أوباما بحاجة إلى هذا التذكير بأن استمرار الحرب في سورية مصلحة إسرائيلية بحتة، لأنه مقتنع أصلاً بأنه مصلحة أميركية. وهذا يعني انه سيخيب أمل المتفائلين بدور أميركي أكبر بعد اشتداد الخناق على بشار الأسد، ولن يطلق «رصاصة الرحمة» على نظامه، بل سيحرص على بقائه معلقاً بين الحياة والموت، إلى أن تحين فرصة قطف فوائد رحيله.

وتبدى هذا الهروب الأميركي المتواصل من «الاستحقاق السوري» جلياً خلال قمة «مجموعة السبع» في ألمانيا قبل أيام، عندما سرب الأميركيون معلومات عن سيناريو خيالي يقوم على منح الروس اللجوء إلى الرئيس السوري والإتيان بشخصية علوية (لا أحد يعرف من هي ولا من أين ستأتي ولماذا يجب أن تكون علوية)، لتشكيل حكومة جديدة تلقى قبول موسكو وواشنطن وتشكل غطاء سياسياً وعسكرياً للحرب على الإرهاب.

لكن الذين استفسروا عن «الجديد» في الموقف الأميركي، اكتشفوا بأنه ليس سوى حلقة في سلسلة الهروب وإلقاء المسؤولية على الآخرين لتبرير عدم القيام بأي خطوات جدية، وخصوصاً أن روسيا لم تدع أصلاً إلى قمة ألمانيا التي انتهت بتقريعها على دورها في أوكرانيا، وتهديدها بمزيد من العقوبات. ويعرف الأميركيون تماماً أن الروس لا يفصلون بين ملفات السياسة الخارجية وخصوصاً ملفات سورية وأوكرنيا والإرهاب، فكيف ينتظرون أن توافق موسكو على خطتهم، إذا كان هذا ما يسعون إليه فعلاً، ولماذا «تبرئة» أطراف أخرى، مثل إيران، من المسؤولية؟

وكان ضباط أميركيون طالبوا معارضين سوريين بدأ تدريبهم على الأراضي التركية قبل أسابيع قليلة، بتوقيع وثائق يتعهدون فيها عدم محاربة الجيش النظامي، وقصر عملياتهم على مواجهة «داعش»، وإلا حرموا من الدعم اللوجستي والتغطية الجوية التي لم يتحدث عنها سوى الأتراك، فيما تؤكد واشنطن أنها لا تزال تعارض بشدة اقامة أي منطقة حظر جوي في شمال سورية لحماية المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة.

ويكرر المسؤولون الأميركيون أن بلادهم لا تريد أن يكون لها أي دور مباشر في الإطاحة بالنظام، وان هذه المهمة يجب أن تكون «سورية مئة في المئة»، متناسين أن الأسد ما كان ليصمد لولا الدعم الروسي والإيراني غير المحدود عسكرياً واقتصادياً، ولولا مشاركة ميليشيات لبنانية وعراقية وأفغانية وإيرانية في الدفاع عنه. أي أن الحياد الذي يدافعون عنه معمول به من جانب واحد فقط.

وترد واشنطن على منتقديها بالقول إن نظام الأسد لا يشكل أي تهديد أمني للولايات المتحدة، على عكس القسم الأكبر من معارضيه، وأن الحرب في سورية، على ضراوتها وبشاعتها، لم تشهد منذ اتفاق تسليم الأسلحة الكيماوية، تطوراً يدفع أميركا والمجتمع الدولي إلى التدخل، وانه ليس هناك بعد أي تهديد بحصول مجازر جماعية بحق أقليات أو حشر مجموعات طائفية أو اتنية في مناطق معزولة بهدف الإجهاز عليها.

وفي ذلك إنكار غير منطقي لدور النظام السوري في اختراع «داعش» ودعمه وتعزيز قدراته، سواء بالتسليح أو التمويل غير المباشر (شراء النفط) أو بإطلاق مئات المتطرفين من السجون للالتحاق بصفوفه.

ومع أن تهديد التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق قائم ويتزايد، إلا أن أوباما نفسه اعترف بعد لقائه رئيس وزراء العراق حيدر العبادي الاثنين الماضي بأنه ليس لدى إدارته «استراتيجية متكاملة» لمحاربة «داعش»، ما يعني أن الكلام المسرب عن احتمال التغيير في سورية للتفرغ لمحاربة التطرف لا أساس له، وان نظام الأسد باق بحماية إسرائيلية – أميركية مشتركة، حتى إشعار آخر.