تأكيدات أوباما بتضمين الإتفاق النووي مسألة «ضمان أمن إسرائيل» مؤشّر لمرحلة جديدة بالمنطقة
إحراج حلفاء إيران الإقليميين وسحب الذرائع بإقتناء السلاح لمحاربة إسرائيل
تضمين المحادثات «الايرانية – الدول العظمى» مسألة «ضمان أمن اسرائيل» يعني تبدلاً ملحوظاً في مسار الأحداث ومجريات الصراع..
يرى دبلوماسي غربي بارز في بيروت أن أهم موضوع كان يتم التداول فيه في الاجتماعات الجانبية بين الدول العظمى وإيران حول الملف النووي هو «ضمان أمن إسرائيل» الذي يشكل في نظر المفاوضين المدخل الضروري لإنجاز أي اتفاق شامل وكامل قابل للتنفيذ الفعلي على الأرض، ومن دون التوصل الى إتفاق بخصوصه مع الجانب الإيراني سيبقى إتفاق الملف النووي الإيراني منقوصاً ومعرّضاً للتعثّر أو الفشل النهائي لارتباط العديد من الجوانب التنفيذية اللاحقة بموافقة الكونغرس الأميركي لا سيما ما يتعلق بإنهاء العقوبات المفروضة على إيران وغيرها من المسائل الأخرى التي لا يمكن تجاهلها أو القفز فوقها برغم الخلافات التي تعصف بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حول هذا الموضوع المهمّ للغاية.
ولم يأتِ الموقف الذي أعلنه أوباما بعد الإعلان عن اتفاق الإطار مع الجانب الإيراني منذ أيام بخصوص «ضمان أمن إسرائيل» من هباء أو لتهدئة نتنياهو لتمرير ما تم التوصل إليه بأقل ضجيج سياسي ممكن من الجانب الإسرائيلي، وإنما صدر هذا الموقف الرئاسي الأميركي بهذا التوقيت ليكشف بوضوح أن الاتفاق مع الجانب الإيراني حول هذه المسألة التي تجنَّبَ المفاوض الإيراني التطرق إليها وحاول الرئيس الإيراني الإيحاء بأن الاتفاق حول الملف النووي مع الجانب الأميركي لا يشمل المسائل الإقليمية الأخرى وذلك للتخفيف من وقع موقف أوباما بالداخل الإيراني وخصوصاً من المعارضين المتشددين لهذا الاتفاق أو لطمأنة التنظيمات والأحزاب التي تحركها طهران في المنطقة ضد اسرائيل كحزب الله وحركة «الجهاد الإسلامي» وغيرها.
ومن وجهة نظر الديبلوماسي الغربي فإن موقف الرئيس الأميركي حول شمول اتفاق الاطار مع الجانب الإيراني مسألة «ضمان أمن اسرائيل» إنما يأتي بمثابة التأكيد الأميركي بالحرص على تمرير هذه المسألة من ضمن الاتفاق النهائي والشامل ولكي تكون من صلب الاتفاق ولإعادة تأكيد التزام الإدارة الأميركية بأمن إسرائيل في كل الظروف ومهما كانت الخلافات في وجهات النظر بين المسؤولين الأميركيين والاسرائيليين ولتسهيل إقناع أعضاء الكونغرس الأميركي المعترضين على الاتفاق وضمان موافقتهم عليه أيضاً.
ماذا يعني تضمين الاتفاق النهائي بين الدول العظمى وإيران حول الملف النووي الإيراني مسألة «ضمان أمن إسرائيل»؟
يعتبر الديبلوماسي الغربي أن تعمّد الرئيس الأميركي الكشف عن تضمين المحادثات الإيرانية مع الدول العظمى مسألة «ضمان أمن إسرائيل» يعني تبدلاً ملحوظاً في مسار الأحداث ومجريات الصراع الدائر من قبل الأذرع العسكرية الخالصة الولاء لإيران ضد اسرائيل وتحديداً التي اتخذت من مقاومة اسرائيل ذريعة لحيازة السلاح بكل أنواعه على حساب سيادة الدولة وأمنها واستقرارها منذ ثلاثة عقود وحتى اليوم، لأنه لا يمكن لطهران الاستمرار بسياسة دعم وتمويل التنظيمات والاذرع العسكرية المذكورة مباشرة أو مداورة وبنفس الوتيرة المعادية ضد إسرائيل وضمان التزام الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية بتنفيذ مضمون الاتفاق النهائي المزمع عقده في ختام المفاوضات التي تستأنف قريباً، لأن هذا التصرف يتعارض كلياً مع مضمون الاتفاق ويؤدي إلى انهياره والعودة إلى تردي العلاقات بين الجهتين وهو ما تتجنبه إيران وتحرص على إرساء علاقات طبيعية مع الدول العظمى، الامر الذي يُؤذن بمرحلة جديدة بدأت معالمها ترتسم حالياً برغم كل ما يثار من ضجيج سياسي واعتراضات إن كان من الجانب الإيراني المتشدد أو من بعض المعترضين بالداخل الأميركي.
وفي اعتقاد المصدر الدبلوماسي المذكور فإن أولى مفاعيل الاتفاق النهائي الذي لا بدّ وأن يستغرق بعض الوقت، وبالمضمون الذي أعلنه الرئيس الأميركي بخصوص «ضمان أمن اسرائيل» إحراج حلفاء إيران والاحزاب والاذرع العسكرية الموالية لها في المنطقة والتي اعتادت تسخير حمل السلاح بحجة مقاومة إسرائيل لتنفيذ مخططات النظام الإيراني والدفاع عن مصالحه الخالصة مع الغرب كما أظهرت الوقائع طوال السنوات الماضية على حساب مصالح واستقرار وأمن الدول المتواجدين فيها، وسحب الحجج والذرائع التي يتذرع بها هؤلاء الحلفاء لاستمرار الاحتفاظ بالسلاح غير الشرعي بعيداً عن سلطة الدولة ورقابتها وقرارها كما هي حال «حزب الله» في لبنان على وجه الخصوص.
ويتوقع المصدر الدبلوماسي الغربي ان تثير «مسألة ضمان أمن إسرائيل» في الاتفاق النهائي بين الدول العظمى وإيران حساسية وحرجاً كبيرين لدى التنظيمات والأحزاب العسكرية الموالية لإيران بالرغم من تجنبها عدم التطرق لهذه المسألة والخوض فيها علانية لأنها تمتثل بالنهاية لقرارات ومشيئة مرشد الثورة الإيرانية دون غيره، الا ان ذلك لا يعني انها ستكون مرتاحة لهذه المسألة التي تناقض كل شعاراتها وفلسفتها التي قامت على مقاومة إسرائيل منذ البداية.
ولذلك، لم يكن تكثيف الحملات وتركيز المواقف على محاربة «التنظيمات الإسلامية المتشددة» أو ما تمّ التسويق لهم بالتكفيريين الا ذريعة جديدة لاستمرار هذه التنظيمات بالاحتفاظ بالسلاح خارج إطار الشرعية والقوانين واستباق ما يتضمنه الاتفاق النووي من بنود تتعارض مع الذرائع الحالية في محاربة إسرائيل والتي سقطت مع توجيه السلاح حيث مصلحة إيران لا غير برغم معرفة الجهات الدولية برعاية النظام الإيراني وتمويل العديد من التنظيمات الإرهابية الإسلامية المتشددة وتحريكها حسب مصالحه.