IMLebanon

خيارات أوباما  وقرارات بوتين

لا تناسب في النظر الى حرب سوريا من زوايا الرئيسين فلاديمير بوتين وباراك أوباما. فما هو في الكرملين مسألة مصالح حيوية داخلية وخارجية في صراع جيوسياسي كبير هو في البيت الأبيض حرب أهلية بعيدة قليلة التأثير على المصالح الحيوية الأميركية. وهذا ما يكشف بالطبع الفارق بين الحجم الواسع للانخراط الروسي ونوعيته وبين الحجم الضئيل للانخراط الأميركي ونوعيته. ومن الصعب أن تتغيّر نظرة أوباما، وهو يواجه في نهاية رئاسته التحديات التي حاول الالتفاف من حولها خلال سنوات، وبمساعدة من بوتين.

ذلك ان هيلاري كلينتون تروي في مذكراتها خيارات صعبة انها أرسلت مذكرة الى أوباما قبل ان تغادر منصبها كوزيرة للخارجية في ولايته الأولى تتعلق بالعلاقات مع روسيا. كان ما توقعته ان أياماً صعبة أمامنا وعلاقتنا مع موسكو سوف تسوء جداً قبل أن تصبح أفضل. والمشكلة هي ان بوتين تحت انطباع خاطئ اننا في حاجة الى روسيا أكثر من حاجة روسيا إلينا. والنصيحة ان القوة والعزم هما اللغة الوحيدة التي يفهمها بوتين.

اليوم تنتقل واشنطن وموسكو بسرعة من اتفاق كيري – لافروف الى خلاف حاد وتبادل اتهامات حول من خدع من، وأي طرف تراجع عن تنفيذ ما إلتزمه. أوباما يطلب من معاونيه تقديم خيارات للرد على اندفاع موسكو في معركة حلب. وبوتين يصرّ على قرار الاستمرار في المعركة مع التمسك بالاتفاق، بحيث يلعب كل الأدوار: يحاور ويقصف ويتولى مراقبة وقف الأعمال العدائية. لكن أوباما كان ولا يزال يستمع الى الخيارات التي يقدمها معاونوه في الخارجية والدفاع والأمن القومي والاستخبارات ثم يرفض الأخذ بأي خيار يخالف رأيه.

كان منطق الرئيس الأميركي من البدء انه لا شيء ينجح في تغيير المسار. وهو ما يكرره حالياً ضمن معادلة يختصرها المسؤول السابق في ادارته فريديرك هوف بالقول: ان تجرّب هو ان تفشل، وان تقف هو ان تسقط. لا بل انه يتحدّى مساعديه ومنتقديه في أن يقدموا خيارات تحدث فارقاً، لأنه متمسّك بالرأي الذي خلاصته لا شيء أقل من تدخل أعداد كبيرة من قواتنا يمكن أن يوقف حرباً أهلية كل طرف منغمس فيها بقوة. أي إما حرب أميركية كاملة وإما اتفاق مع الروس. وهو بالطبع ضد التدخل الكامل، وليس راغباً في مواجهة الروس ولا في استفزازهم. فضلاً عن انه أدار الموقف الأميركي ومارس ضبط مواقف حلفاء أميركا من مسار الحرب ضمن التمسك بأولوية الاتفاق النووي مع ايران ورفض كل ما يزعج طهران.

والمفارقة ان أوباما يرى بنوع من العدمية العبثية ان الرابح خاسر.