هل شاهدتم شريط باراك أوباما وهو يغني ويرقص مقلداً راي تشارلز مع عدد من الفنانين داخل البيت الأبيض؟
ليس من السيئ ان يرقص رؤساء الدول الكبرى، ربما من الجيد ان يغنوا ويرقصوا، لأنه عندما يكون رب البيت للدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقص والغناء، بحيث نكون أمام عالم سعيد.
لكننا في الواقع أمام عالم يمضي قدماً نحو التعاسة والقلق، ونحن مع علاقات أميركية أغرقتها سياسات أوباما الخارجية في السوء، وخصوصاً مع عدد كبير من الدول التي طالما كانت حليفة لأميركا، بالأحرى نحن مع رئيس أميركي أساء كثيراً الى علاقات أميركا الخارجية، ولم ينجح سوى في مصالحة خصوم الأمس ايران وكوبا.
علاقات أميركا مع الصين ليست على ما يرام، وها هو فلاديمير بوتين يضرب في خواصر أوباما من القرم الى أوكرانيا الى سوريا، وعلاقاته مع حلفاء أميركا العرب في دول الخليج ومصر والمغرب العربي على كثير من الخلل، وكانت آخر تجلياته توجيه الازدراء الى حلفائه الأطلسيين، عندما اتّهم ديفيد كاميرون بالتردد والضياع ونيكولا ساركوزي بالخفة والادعاء!
في ٢٤ نيسان المقبل يصل أوباما الى بريطانيا في مهمة يقول مصدر أميركي إنها على مستوى كبير من الأهمية “لأنه سيكون صادماً جداً اذا لم يطلب من الناخبين البريطانيين التصويت لمصلحة البقاء في الإتحاد الأوروبي”، ومعروف ان الاستفتاء على استمرار عضوية بريطانيا في الاتحاد سيتم في ٢٣ حزيران.
لكن ثمة في بريطانيا من لا تعجبه هذه الزيارة، فها هو بوريس جونسون عمدة لندن يقول إن تدخل أوباما في الجدل حول الاستفتاء “أمر مهين وخبث لا منطق فيه لأن حليفنا الأهم يرى انه من مصلحتنا البقاء في الاتحاد الأوروبي مهما شعرنا أننا قد نتضرر من ذلك”.
ما يهمني في هذا السياق ليس عضوية بريطانيا في الاتحاد وإنما الطريقة المبتذلة التي يعامل بها أوباما حلفاءه الأطلسيين، ذلك أنه وجّه اليهم سابقاً الاتهامات بأنهم قصروا في حسم الأمور ضد القذافي عندما تدخلوا جواً لضرب دفاعاته، وها هو يوجّه اليهم من جديد الاتهامات بالتردد والضياع والإدعاء!
زيارته لبريطانيا تشبه زيارته للخليج لمحو الآثار الصادمة لتصريحاته المسيئة عندما لا يكون هناك من جدوى للأطلسيين كما للخليج والشرق الأوسط، ولكن ماذا نفعل مع رئيس أميركي رقوص في السياسة كما في الغناء، واذا كان ينتقد تردد حلفائه الأطلسيين اليوم فهو بالتأكيد ينسى ما قاله سابقاً في مقابلة مع “البي بي سي” من “ان الاتحاد الأوروبي هو حجر الزاوية للمؤسسات التي بنيت بعد الحرب العالمية الثانية وساعدت في جعل المجتمع الدولي أكثر أمناً وازدهاراً”!