تعمّد بنيامين نتنياهو توجيه إهانة جديدة الى باراك اوباما، بإلغاء زيارته لواشنطن بعدما كان طلب لقاء الرئيس الاميركي وحدد له البيت الأبيض موعداً في ١٨ آذار الجاري، في المقابل إشترى جو بايدن إهانة جديدة لنفسه ولأميركا فلم يلغِ زيارته لتل ابيب التي استقبلته اول من أمس كمسؤول من إحدى جمهوريات الموز!
العلاقة السيئة بين تل ابيب والبيت الابيض بدأت منذ دفن نتنياهو كل وعود أوباما بإقامة الدولة الفلسطينية، وازدادت سوءاً بعدما قامت هيلاري كلينتون ومن بعدها جون كيري بأكثر من عشرين زيارة لتل ابيب ولم يتمكنا من وقف هدم بيت فلسطيني واحد، وقد واصل نتنياهو تحديه لأوباما وذهب وخطب بدعوة في الكونغرس الأميركي بما يوحي ان صوته أعلى من صوت الرئيس الأميركي في واشنطن.
واذا كانت زيارة بايدن تشكل إهانة له ايضاً، فقد سبق له ان تلقى إهانة أكبر عام ٢٠١٠ عندما جاء الى تل ابيب ليحرّك العملية السياسية مع الفلسطينيين، فاستقبله نتنياهو بالإعلان عن مشروع لإنشاء ١٦٠٠ وحدة استيطانية في القدس الشرقية ما يشكل تدميراً لمساعي إقامة الدولة الفلسطينية!
كل هذا ليس خافياً على أحد، ولا يخفى ان أوباما ابتلع تحديات نتنياهو الى درجة انه مثلاً لم يذكر اسم فلسطين في خطابه الأخير عن “حال الاتحاد” في ١٢ كانون الأول قبل شهرين، مع انه بدأ عهده بقرع طبول التغيير وجاء الى القاهرة واعداً بأن يبدأ التغيير من المنطقة عبر إقامة الدولة الفلسطينية!
ايضاً كل هذا معروف ومؤسف، ولكن لماذا يحاول البيت الأبيض الآن على عتبة الإنتخابات الأميركية ان يروّج الترهات السخيفة، عندما يحاول ربط إلغاء نتنياهو لقاءه مع أوباما، بالحديث عن ان البيت الأبيض يسعى الى تحريك التسوية بين اسرائيل والفلسطينيين، وان هذه المحاولة قد تشمل دعم قرار في مجلس الأمن يطالب الطرفين بإبداء المرونة التي لطالما استعملت واشنطن الفيتو ضدها؟
ما الذي عطس ليستفيق أوباما على القضية الفلسطينية في ربع الساعة الأخير من عهده الذي بدأ قبل سبعة اعوام، ومنذ متى يستطيع الرئيس الأميركي ان يتخذ قرارات تلجم اسرائيل، وخصوصاً عندما يكون أوباما منهمكاً بحزم حقائبه لمغادرة السلطة كبطة عرجاء، تماماً كما أثبت انه تلك البطة في عهدين سواء مع نتنياهو أو مع بوتين أو مع الإيرانيين؟
هناك حديث عن رفض أوباما رفع قيمة المساعدات التي تقدمها أميركا سنوياً الى اسرائيل ويمكن الجزم منذ الآن بأن الصوت اليهودي في الانتخابات سيفرض الزيادة ووجهة نظر نتنياهو على أوباما، أما الحديث عن غيرةٍ اميركية من التحرك الفرنسي لاستئناف التسوية بين اسرائيل والفلسطينيين فلا معنى له، لأن آخر أوباما أسوأ من أوله!