أكد الرئيس أوباما، في حواراته الكثيرة مع الصحافي جيفري غولدبرغ بصراحة ما كان يضمره او يلمح اليه ضمنا في مواقفه العلنية عن السياسة الاميركية في الشرق الاوسط. الشخصية التي رسمها غولدبرغ دونما قصد لأوباما في مقاله بعنوان “مبدأ أوباما” في مجلة “ذي اتلانتيك”، هي لرئيس يثق بنفسه وبقراراته الى درجة من الغطرسة تدفعه الى الاستخفاف بكبار مساعديه (الوزير جون كيري)، وغير قادر على تحمل مسؤولية احكامه الخاطئة (الخط الأحمر في سوريا)، ويرفض ممارسة أي نوع من النقد الذاتي (تجاهل ليبيا بعد اطاحة القذافي)، ويسارع الى لوم الآخرين (المؤسسة السياسية التقليدية في واشنطن)، ولا يتردد في تشويه مواقف نقاده في شأن سوريا (مثل اتهامه المجحف لهم، بأنهم طالبوه بغزوها). هذه النقطة الاخيرة واحتقاره السافر للعرب، كانت من النقاط التي ركزت عليها في ردي على المقال الذي طلبته ادارة المجلة مني.
http://www.theatlantic.com/international/archive/2016/03/obama-doctrine-middle-east/473178/
يقول غولدبرغ ان أوباما كان مقتنعاً صيف 2013 بانه كان يسير في اتجاه مكمن نصبه له حلفاء أميركا وخصومها لتوريطه في معاقبة نظام الاسد. لكن الواقع هو ان أوباما طالب أولاً بتنحي الاسد من غير ان تتوافر لديه الوسيلة لتحقيق ذلك، وهو الذي رسم الخط الاحمر من دون استشارة مساعديه، واضعاً نفسه في مأزق من صنعه. ونرى النمط ذاته، عندما يلوم أوباما المؤسسة العسكرية على قراره زيادة عديد القوات الاميركية في أفغانستان. وعندما يدعي ممارسة النقد الذاتي، فهو ينتقد نفسه لأنه أساء تقدير عجز الدول الأوروبية عن التدخل الفعال في ليبيا بعد انتصار الانتفاضة.
يمكن للمراقب أن يتفهم احباط أوباما في تعامله مع الدول العربية، واستياءه من أنظمة تسلطية تفتقر الى الشرعية، أو من حكومات تدعم تنظيمات اسلامية ظلامية وتسلّحها. لكن انتقاده لدول الخليج ومصر سوف يعزز الانطباع السائد في المنطقة أنه يحتقر السنّة العرب، ويراهن تاريخياً على ايران واحتمال تطوير العلاقات معها بعد توقيع الاتفاق النووي. من الواضح من المقال ان أوباما – باستثناء مواصلة الحملة على “داعش” ومحاولة القضاء على قياداته لانه يتخوف من عمليات ارهابية في أميركا – سوف يتجاهل جميع قضايا المنطقة الملحة ليورثها لخلفه. ما لا يمكن غفرانه لأوباما هو ادانته العملية لجيل كامل من الشباب العربي حين قارن بين شباب آسيا الذين يسعون الى التعليم والحداثة والشباب العرب الذين يريدون قتل الاميركيين على حد قوله. ولم يصدر عن أوباما أي تعاطف مع ملايين العرب الذين انتفضوا – سلمياً – ضد الطغيان وطالبوا بالحريات والحداثة. وكأنه يريد عزل مناطق واسعة في المنطقة نتيجة أوبائها المستعصية على الأدوية.