القرارات السياسية والميدانية المفاجئة التي اتخذها الرئيس أوباما حديثاً والمتمثلة بدعوة ايران للمشاركة في الجهود الديبلوماسية الدولية لوقف الحرب في سوريا، ونشر عدد محدود من عناصر القوات البرية الخاصة، وتكثيف العمليات ضد تنظيم “داعش” في سوريا والعراق، تعكس التحولات الميدانية الناجمة عن التدخل العسكري الروسي. لكنها تعكس أيضاً تقويماً جديداً لاوباما ومساعديه للخيارات العسكرية والسياسية المتوافرة لهم، مع اقتراب الرئيس من دخول السنة الاخيرة من ولايته الثانية، ورغبته في أن لا يصبح انهيار البلدين جزءاً من تركته السياسية. أوباما الذي اضطر قبل أسابيع الى التراجع عن قراره الاولي سحب جميع القوات الاميركية من أفغانستان في نهاية 2016، وأعلن انه سيبقي اكثر من خمسة آلاف عسكري في تلك البلاد بعد انتهاء ولايته، يجد نفسه الآن مضطرا الى التراجع عن سياسات سابقة، مثل رفض مشاركة ايران في الجهود الديبلوماسية في سوريا، وعدم القيام بدور قتالي مباشر في سوريا والعراق.
ميدانيا، تعتزم الولايات المتحدة نشر مستشاريها العسكريين مع القوات العراقية وتركيز العمليات العسكرية في المدى المنظور على تحرير مدينة الرمادي من “داعش”. في سوريا، تعتزم القوات الاميركية تسليح وتدريب قادة بعض التنظيمات المعارضة من عربية وكردية في شمال البلاد للتقدم في اتجاه مدينة الرقة “عاصمة” تنظيم الدولة الاسلامية”، وشن القوات الخاصة غارات على “داعش” إما مباشرة وإما بالتنسيق مع القوات الحليفة في سوريا.
عقب التكهنات عن احتمال طلب العراق من روسيا لعب دور عسكري مباشر ضد “داعش” في العراق، برزت دعوات في أوساط الاجهزة المعنية بالامن القومي في واشنطن الى اعادة النظر في الخيارات العسكرية في العراق لمنع بغداد من تعزيز تعاونها العسكري والاستخباري مع موسكو.
ويأمل أوباما، بموافقته على اشراك ايران في العملية الديبلوماسية في سوريا، وتكثيف الدور الاميركي العسكري في سوريا والعراق (وما ينتج منه من قبول ضمني بما تقوم به روسيا من عمليات عسكرية ضد “داعش” او “جبهة النصرة”)، الى المساهمة في وقف انهيار البلدين خلال الاشهر الاخيرة لوجوده في البيت الابيض.
طبعاً من السابق لاوانه الحديث عن أفق التعاون الديبلوماسي مع طهران وموسكو في قضايا قوضت المفاوضات السابقة ومنها دور بشار الاسد خلال العملية الانتقالية ومصيره في نهايتها، أو احتمالات قبول فصائل رئيسية في المعارضة السورية بمشاركة ايران – التي تحارب على الارض دفاعاً عن نظام الاسد – أو قبول هذه التنظيمات بأي دور للاسد. الرئيس اوباما ناقش هذه المسألة مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز. لكن أي تعاون بين الرياض وطهران في سوريا يبدو بعيداً للغاية.