Site icon IMLebanon

أوباما واستراتيجية الانكفاء !

لم تكن مجلة “ذي أتلانتيك” في حاجة الى مقابلة باراك اوباما ليتحدث عن سياسته الخارجية البائسة، اولاً لأنه سيغادر البيت الأبيض نهاية السنة، وثانياً لأنه في مرحلة السبات الانتخابي ليس في وسعه اتخاذ قرارات تلزم الادارة الجديدة، وثالثاً وهو الأهم لأن العالم كله عرف في الاعوام السبعة الماضية، مدى التردد والتخاذل في هذه السياسة، سواء في فلسطين أو القرم أو أوكرانيا أو العراق أو سوريا أو مصر أو في ليبيا أو حتى في افغانستان.

استراتيجية أوباما: “الرئيس الأميركي يتحدث عن قراراته الصعبة حول دور أميركا في العالم”، هذا هو عنوان الغلاف في “the atlantic” لكن معنى الصعوبة في هذه القرارات ملتبس، لأن الافراط في الانسحاب من المسرح الدولي وخصوصاً في الشرق الأوسط الملتهب، وأمام فلاديمير بوتين في أوكرانيا وسوريا، سيرتّب على أميركا ومصالحها الخارجية، أضراراً توازي صعوبتها وتفوق أضرارها ما نجم عن التدخل المفرط أيام جورج بوش الأبن، الذي حاول أوباما ان يردم فجوته فوضع أميركا في حفرة دولية.

ما قاله أوباما عن سياسته الانسحابية يصلح تصريحاً لرئيس دولة مثل هايتي، فليس صحيحاً على الاطلاق قوله “ان المنافسة بين السعوديين والايرانيين التي ساعدت في اذكاء الحروب بالوكالة والفوضى في سوريا والعراق واليمن تتطلب منا ان نقول لأصدقائنا وكذلك للايرانيين انهم في حاجة للتوصل الى طريقة فعّالة للتعايش معاً وتحقيق نوع من السلام البارد”.

ذلك ان التركة الأميركية في العراق هي التي أسست للحرب، والتعامي الأميركي عن مذابح النظام في سوريا وعن الانقلاب الحوثي الايراني في اليمن هو الذي صنع الحرب، ولأن التدخل الايراني هو الذي أذكى هذه الحرب، عندما كان أوباما يفاوض طهران خلسة من وراء حلفائه الخليجيين في عقر دارهم عُمان!

ان الاضاءة على الخطط الأميركية والصهيونية، تظهر ان الاستراتيجية العميقة هي التي خلقت هذه الفوضى بعدما سلّمت واشنطن العراق للايرانيين، وهي التي أسست لقيام”داعش” عبر الفراغ التي تركته كما أعترفت وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، وهي التي اطلقت رياح الفتنة المذهبية بين السنّة والشيعة، بعدما سدت واشنطن عقلها وآذانها عن خطورة تدخلات طهران لتقول انها باتت تسيطر على أربع عواصم عربية!

وليس صحيحاً ان حلفاء واشنطن الخليجيين يتطلعون الى جرّها الى صراعات طائفية طاحنة، لأنهم يعرفون انها هي التي ساهمت أصلاً في اشعال هذه الصراعات واذكائها، لكن أوباما عندما يتشاطر بحثاً عن براءة ذمة لسياسته الخارجية الكارثية، لا يتوانى حتى عن ازدراء حلفائه الأوروبيين ثم يقرر زيارة ديفيد كاميرون لتجاوز الاساءة.

وفي النهاية اوباما وبوش وجهان لعملة متعارضة لكنها واحدة الأهداف… مفهوم؟