IMLebanon

رقّة أوباما!

«زاد في الرقّة حتى انفلق» مستر أوباما، وصار في حاجة ماسّة، على ما يبدو، إلى اتخاذ ما يلزم من خطوات قبل أن «ينفلق» حزبه أيضاً في الانتخابات الرئاسية ويدفع أثمان سياساته، التي من بينها، على ما يقول أخصامه الجمهوريون، وبعض من اشتغل معه في الإدارة ومن بينهم هيلاري كلينتون بالمناسبة، الوصول إلى إنتاج «داعش»!

ولم يدخل ذلك الاستنتاج في كتب التاريخ العتيقة بعد كي يكون موضع سجال أو سوء تفسير، بل هو حديث وراهن. وخلاصته، أن تراكم أخطاء أوباما في العراق وسوريا هو الذي راكم ظروف تطور الإرهاب من «القاعدة» إلى «داعش»! وفي مقدمها انتهاء محاولته «لاحتواء» التطرّف الإيراني، إلى نتيجة كارثية مفادها خسارة الاعتدال العربي من دون ربح «الاعتدال» الإيراني! ومن ضمور القدرة على ضبط روافد تغذية الجماعات العَدَمِيّة الموبوءة والمشبوهة، الأصلية والمفبركة، بكل ما يغذي بنيانها وبيانها؟ وفي مقدمها تلك التركيبة المسماة «داعش»!

البعض (وكاتب هذه السطور منهم) كان (ولا يزال) يفترض أن «أخطاء» أوباما هي من النوع المركّب والمقصود! لأنه لا يُعقل ولا يخطر في البال أن يكون رئيس أكبر دولة في الأرض على هذا القدر من الاستلشاق والخفّة والتسطيح! وأن لا يملك استراتيجية واضحة إزاء مخاطر كبرى من نوع المشروعين الإحيائيين الأصوليين، الديني الإيراني من جهة أولى والقومي الروسي من جهة ثانية.. ثم أن لا يملك سيناريو لـ«اليوم الثاني» أكان في العراق أو في أفغانستان.. أو أن يفترض قدرة على كسر المعادلة القائلة، إن رجل السلام يلوّح دائماً بالحرب.. كي يمنعها! وليس العكس، أي ما فعله تماماً مستر أوباما، خصوصاً في سوريا وقبلها في أوكرانيا والقرم: كشف أوراقه سلفاً وتعرّى أمام ذئاب جائعة. واعتمد سياسة مكشوفة تقول بعدم «رغبته» في اتخاذ أي قرار ذي صبغة عسكرية! أي أنه كسر الميزان بيديه وراح يتصرف مثل المصلح الاجتماعي الذي «يناشد» المجرم ويعطيه دروساً في «التربية المدنية» والأنسنة ومكارم الأخلاق! بدلاً من أن يتصرف كرئيس دولة هي الأكبر والأخطر والأهم والمستعدة دائماً لاستخدام قوتها لحماية مصالحها ومصالح حلفائها!

أخطأ الأداء مستر أوباما. لكن أخصامه وأعداءه أساءوا التقدير! ميوعته وتردده وانكفاؤه إلى الخلف جعلت الروس أولاً والإيرانيين ثانياً يفترضون أن ملء الفراغ مفتوح ومن دون ضوابط! ولم ينتبهوا إلى أن الولايات المتحدة «معنية» بالوضع السوري حتى إن كانت بعيدة عن المعارضة! وذلك يعني منطقياً أن كسرها ممنوع ومستحيل! وهناك فارق بين امتناعها عن التدخل العسكري المباشر وانخراطها السياسي والديبلوماسي في البحث عن «حل» وصولاً إلى ما يسمى «اتفاق جنيف» في التاسع من أيلول الماضي. كما أن هناك فارقاً بين إحجامها هي عن التورط العسكري والسماح لغيرها باعتماد منطق «الحسم العسكري»!

المفارقة هي أن المذبحة السورية في ذاتها لم تدفع إدارة مستر أوباما إلى تعديل مواقفها! في حين أمكن محور الطغاة الروسي – الإيراني دفع ذلك التعديل إلى الواجهة بسرعة قياسية.. خصوصاً أن توقيت محاولة كسر حلب يتزامن مع ذروة الحملات الانتخابية الرئاسية الأميركية.. شكراً رفيق بوتين!