ة
هل يعرف أحد ماذا يريد الرئيس أوباما من نظام بشار الأسد في سورية؟ سؤال يطرح لشدة غموض سياسة وموقف أوباما مما يحدث في سورية. ينقل موقع the daily beast الأميركي عن أحد الثوار مصطفى سيجاري الذي يشارك في برنامج التدريب الأميركي للثوار المعارضين السوريين انه مع ألف من اعضاء فريقه من المقاتلين على وشك الانسحاب من برنامج التدريب بعد ان اشترطت الادارة الاميركية عليهم ان السلاح الذي تقدمه لهم لا يمكن استخدامه ضد جيش بشار الأسد أو أي من حلفائه على الارض في سورية، بمن فيهم «حزب الله» وان على المقاتلين ان يكتفوا بقتال «داعش».
غريب هذا الشرط من ادارة أميركية تدّعي انها تريد انتقالاً سياسياً في سورية من دون الاسد. فكيف يقاتل الثوار السوريون «داعش» الذي يجتاح تدمر ويتقدم في حلب من دون محاربة نظام الاسد الذي ساهم بشكل كبير في فتح سجونه والافراج عن عناصر «داعش» العراقيين؟ لا شك انه لا ينبغي باستمرار إلقاء اللوم على الادارة الاميركية والغرب في ما يتعلق بفشل الحكومة العراقية او المعارضة السورية في التصدي لتقدم «داعش» أو التخلص من النظام السوري الاستبدادي. ولكن ترك حلفاء النظام، روسيا وايران و»حزب الله»، يضاعفون مساعداتهم ودعمهم لنظام يتراجع وضعه هو نتيجة سياسة اميركا في سورية وفي العراق وتسامح كبير او بالاحرى جذب للحليف الايراني التاريخي للولايات المتحدة. فادارة الرئيس بوش فشلت في دخولها العراق عندما قلبت نظام صدام حسين واوباما فشل في اخراج قواته. فسلم اوباما العراق الى ايران. اما بالنسبة الى سورية فأوباما يتحمل مسؤولية عدم وقف الصراع في مهده وضرب النظام في عام ٢٠١١ بدل الاعتقاد انه حل الامور في سورية عبر صفقة حول السلاح الكيمياوي السوري مع حليفه الروسي السابق فلاديمير بوتين الذي سرعان ما تحول الى خصم بسبب اوكرانيا ووقع تحت عقوبات اميركية ودولية.
ان اجتماع باريس امس حول «داعش» في العراق وسورية لن يؤدي الى اي نتيجة طالما انه ليس هناك مسار سياسي حقيقي في البلدين. ففي العراق مطلوب من حكومة حيدر العبادي ان تنقض كلياً سياسة سلفه الطائفية وان تنتهج الاصلاحات المطلوبة للمصالحة كي لا تتمكن مجموعات «داعش» من الاستفادة من استياء السنًة في العراق. اما بالنسبة الى سورية فعلى الادارة الاميركية ان تعمل بسرعة قبل فوات الاوان على دفع التحالف الدولي الى فرض مسار سياسي يبعد بشار الاسد عن الساحة السورية كونه المسؤول الاول عن القتل والدمار وظهور قوات «داعش» الارهابية وتوسع نفوذ ايران في سورية ولبنان والعراق. ان مؤتمر باريس الذي تغيب عنه صاحب الدعوة جون كيري وحضره نائبه انطوني بلينكن لن يعطي اي نتيجة طالما لم تمارس الادارة الاميركية ضغطها السياسي من اجل حل حقيقي في سورية من دون الاسد وفي العراق لاخراجه من النفوذ الايراني المهيمن فيه عسكرياً وسياسياً.
بعد اربع سنوات من حرب بشار الاسد الوحشية على شعبه حان الوقت قبل خراب كل المنطقة بدءاً بالبلد العريق سورية والعراق ولبنان للتعاطي الملح بضرورة اخراج الاسد من السلطة ووضع مسار سياسي انتقالي قبل فوات الاوان وتخريب سورية مثلما حدث في ليبيا. واذا اهتمت ادارة اوباما بالدفع الى مسار انتقالي من دون بشار الاسد بقدر ما تهتم بالتوصل الى اتفاق نووي مع ايران، بامكانها ان تضافر الجهود مع حلفاء ملتزمين بذلك مثل فرنسا. اما اذا اكتفت بالتصريحات ولم تعمل على دعم فعلي للمعارضة السورية لمقاومة «داعش» والنظام السوري فستذهب سورية الى مصير مجهول يهدد المنطقة بأسرها مع توسع النفوذ الايراني وتفاقم الصراع المذهبي السنّي – الشيعي اينما كان، وهو يشكل ارضاً خصبة لنمو ظاهرة «داعش» وغيره من التنظيمات الارهابية التي تدّعي التدين في حين ان مبدأها الوحيد هو الإجرام.