الناس معظمهم يحب أن يأمر، قلة تقبل أن تطيع. يحسبون أن شخصية الإنسان تتأثر بالأوامر يصدرها هكذا الوالد والوالدة والمعلم في المدرسة. التجربة الكبرى إذا استقرأت الروحانيين هي في أن تتحكم الناس أو أن تحتكم بالناس. المتقدسون يحبون أن يطيعوا كبارهم وصغارهم لأن لك في الطاعة فرصة تجاوز نفسك أو كبرك وتفهك ولك كثيرا في الرفض تأكيد للأنا وكثيرا ما كان تأكيد الأنا طلبا للأنانية. وعندما يدعو بولس الرسول أن أطيعوا بعضكم بعضا لا يطلب حصرا أن نطيع الأكبر فالوالد إذا لبى طلب ولده يطيعه. أنت لا تطيع حقا وفي العمق إلا من عرفته ينقل إليك فكر الله. إن لم تر غير وجهه تكون مستقلا عن الرب. علاقة بين بشر وبشر تقوم على رؤيتك أن الأخر يجيء من الله. وأنت لست عبدا لأحد. ولكن لك أن تستعبد نفسك له بالمحبة. إذ ذاك تكون أقمت علاقة بينك وبين ربك.
الطاعة فقط لله أي لكلمته ولمن قال هذه الكلمة. أنت تخضع فقط للحق الذي يؤتيك إياه الآخر أو تؤتيك به الكلمة الإلهية. من هنا كان واجبك أن تتمرد على أبيك وأمك وزوجتك وأولادك والناس إذا دعوك إلى مخالفات ربك. وإذا قال الله: “أكرم أباك وأمك” فإنه يعني انهما ينقلان إليك كلمات الإله وإلا ليس لهما منك طاعة وإذا خالفاه تتمرد عليهما. في المسيحية تطيع الكاهن لاقتناعك أنه ينقل إليك كلمة الله إليك لاحتسابك أنه مرتبط بها وحدها. وأما إذا أمرك الأسقف ما تعرفه مخالفا للشريعة فعليك التمرد إذ لا تطيع الأسقف لاقتناعك أنه لا يعرف سوى كلمة الله وهكذا في الحياة الزوجية إذا طلب أحد الزوجين ما يخالف الشريعة فعلى من يطلب منه هذا أن يرفض ولو كان في هذا انكسار العلاقة الزوجية.
يطيع الوالد والديه لاقتناعه بأنهما يحملان إليه كلمة الله وإذا كان بخلاف ذلك فعليه أن يتمرد. أنت تطيع من كان أكبر منك فقط لإقتناع ضميرك أنه يبلغك كلمة الله.
مع أي انسان الله واقف هذا هو السؤال الوحيد. قد يكون ربك مع ابنك الصغير الذي رفضك. وإذا اقتنعت بذلك ترفض كبرياءك وتطيع ابنك. ليس في الحياة الروحية من هم فوق ومن هم تحت بسبب من مراكزهم. في المؤسسات السليمة المحبة لله يجلس فوق من كان مستحقا هذا الجلوس. وأنت تطيعه فقط إذا إعتبرت أنه يكلمك بكلام الله.
الصغير يطيع الكبير لاقتناعه أن هذا يقيم في الحق وفي الطاعة. المراكز إن لم تكن مسلمة لأصحابها لا قيمة لها ولا طاعة لأصحابها. الطاعة لأبويك تأتيك من أنها فوقك في الرتبة ولكن من اقتناعك بأنهما يعرفان كلمة الحق ويريدانك أن تخلص بالحق. نحن لسنا عبيدا لأحد وإن كنا أطفالا فنطيع لإيماننا بأن ذوينا يحملون كلمة الله إذا لا طاعة لمخلوق ما لم يكن ناقلا بفمه أو أفعاله الرأي الإلهي. ليس عندنا نحن المؤمنين طاعة بحسب التراتبية. الطاعة تأتي فقط من ايمانك أن ذويك يحملون تفويضا من الله لارشادك. العلاقة الجسدية بينك وبين أهلك لا تحمل بحد نفسها مسؤولية. ليس أبوك هو المطاع ولكن الله وحده وتخضع لأبيك ليقينك أنه يحمل من ربه تفويضا.
كل علاقة لنا مع الناس يحكمها قول الإسلام: “لا إله إلا الله” وهو قولنا جميعا. وما لم تقتنع بأن من أمرك بأمر مفوض الله إليك لا علاقة لك به. إذ ذاك تفهم أن هذه الطاعة حرية.