IMLebanon

المقانعة

كلام صريح قاله حزب الامين العام بمضمون مذكرة محكمة التمييز العسكرية لتخلية سبيل ميشال فؤاد سماحة: نحنا مش قاريينكم.

“نحنا” تعني استراتيجية ولاية “الممانعة”، والأحرى “المقانعة”، التي تعمل للهيمنة على المنطقة، ككل. اما الطرف الموجه له الكلام، فهو قوى “14 آذار”، مجتمعة ومتفرقة، ومعها الموقف العربي من سوريا الى اليمن.

ولأن ولاية “المقانعة” أوجب وأنفذ، لم يصغِ الحزب لنصائح خصومه المحاورين، في ان يتناسى سماحة في هذه المرحلة، تجنبا لتسعير التوتر الداخلي. ولم يصغ لأنه يحتاج الى ان يؤكد لجمهوره ان له اليد العليا في شؤون البلد، الذي كان سماحة يريد تدميره، فما يسكت ضجيج الهمهمات المتعالي من الحسينيات في تأبين قتلاه في سوريا، ليس سوى استعراض قوة يضيف الى سجل امساكه بـ “مفاتيح” الدولة، اشهار سقوط موقع جديد، هو المحكمة العسكرية. وليس غير عرض القوة هذا ما يمحو تهميش دوره في سوريا امام البيئة الحاضنة، ويعوض لجمه عن هز الاستقرار الداخلي، بـأمر من مرجعيته الايرانية.

كان ينقص اعلان قبض الحزب على الموقع اطلاق سماحة، ومن كان يشك بوجود هذه الهيمنة، على رغم محاكمات مماثلة أملى الحزب احكامها، او جمد الملاحقات فيها، منذ اعدام الضابط الطيار سامر حنا، فان “الرسالة” الاخيرة اوضحت ان الحزب هو من “يضمن” السلم الأهلي الهش، ويحدد متى يضحي به، او يهزه، ويهدده، عبر “مصادره” الاعلامية.

ما حمله اطلاق سماحة، ايضا، ان الحزب جعل من هيمنته على البلاد، امراً بديهيا، والا كيف تُقرأ محاكمة المحكمة نفسها لسوريين بتهمة “الاعتداء” على مراكز للحزب اياه في جرود نحلة، وكأن هذا الوجود المسلح قانوني ودستوري، أو بتهمة دخول البلاد “خلسة”، وكأن مقاتلي الحزب العابرين الى ومن سوريا، يحملون ترخيصا وطنيا بخرق الحدود، وقتل السوريين ودعم الاسد.

لم تعد اتهامات الحزب لقوى “14 آذار” بالسيطرة على “مفاتيح” الدولة، والسعي الى الهيمنة عليها، تماري حقيقة تسلطه على مؤسساتها، من أعلى هرمها الى أسفله، من المرفأ الى المطار، فالمحكمة العسكرية، وغيرها. وكذا الحال مع مؤسسات ودوائر تتفشى فيها السمسرات بغطاء ضمني من الحزب. لكن كل ذلك، وأكثر منه، يمر تحت ادعاء العفة والحرص على الدولة ومؤسساتها وزعم التصدي لمعركة “الهيمنة والاستئثار والمناصفة والشركة الفعلية”، متجاهلا أن شهداء انتفاضة الاستقلال سقطوا ضحية تمسكهم بـ”الطائف” الذي يسعى الى تدميره.

تعمل مجموعة “المقانعة”، منذ تدخل الحزب في سوريا، على استيلاد اشكاليات وازمات موضعية، أو تشجيعها، للتمويه على عقدة انتخاب رئيس للجمهورية. وبعض دخان التعمية ساهم خصومه في نفخها من دون أن يدروا، وموّهوا بها القضية المركزية وهي الدفاع عن مؤسسات الدولة، وفي الطليعة انتخاب رئيس لها.