IMLebanon

المعترضون على «التمديد»: ليست زوبعة صغيرة بل اهتزاز

خيار احترام المواعيد الحزبية الذي التزمه الحزب السوري القومي الاجتماعي لدى تنظيمه مؤتمره العام، لم تكتمل فصوله في المرحلة الأخيرة. تمكن رئيس الحزب أسعد حردان، بعد نيله أكثرية أصوات المندوبين في انتخابات المجلس الأعلى، من «فرض» تعديل دستور الحزب، للسماح له بالترشح لولاية رئاسية ثالثة.

السبب المعلن، «حساسية الأوضاع» المتصلة بالقتال في سوريا، وإمساك حردان بالملفات العسكرية والأمنية. إلا أن هذه الأوضاع لم تحل دون عقد المؤتمر، وإجراء انتخابات حزبية في الحادي عشر من الشهر الماضي.

يوم أمس انتخب المجلس الأعلى لـ»القومي» حردان رئيساً للحزب، عملاً بالتعديل الذي يصفه المعترضون عليه بـ«غير القانوني لكون المجلس الأعلى هو حالياً هيئة ناخبة لا تشريعية». أما الطعن المُقدم من عضو المجلس أنطون خليل، وكان من المُفترض أن تبتّه المحكمة الحزبية صباح أمس «فقد وُعدنا بأن تلتئم المحكمة في غضون ثلاثة أيام وتطلب من المجلس وضع ملاحظاته عليه وصولاً إلى إصدار القرار»، استناداً إلى مقربين من خليل. لذلك، ستؤجل مسألة بت أعضاء المجلس الأعلى المعترضين على التعديل، بقرارهم بالاستقالة أو بالبقاء في المجلس الذي انتُخِبوا أعضاءً فيه قبل 20 يوماً، علماً بأن خليل والرئيس السابق للحزب جبران عريجي قاطعا الانتخاب أمس.

الخلاف ليس سياسياً، بل على فعالية الحزب الإعلامية والتنظيمية واللعب بالدستور

«القومي» يمرّ بامتحان عسير، استناداً إلى مصادر معارضة للتعديل أيضاً. فصيانة الدستور «عند مؤسس الحزب أنطون سعادة لا تقلّ أهمية عن صيانة العقيدة». تستنكر المصادر توصيف ما يحصل بـ«الزوبعة الصغيرة. هناك اهتزاز داخل الحزب، الرهان هو على إمكانية استيعابه والخروج منه مُعافى أو التشرذم أكثر». المطلوب «علاج جدي وحوار حقيقي على قاعدة مراجعة نقدية لواقع البنيان التنظيمي». والسبب أنّ ما حصل «لا يُطمئن القوميين». يهمّ المصادر أن توضح أن الكتاب القومي «ليس جامداً، وصحيح أنه سابقاً حصلت تعديلات، ولكنها لم تكن يوماً من أجل مصلحة الأفراد. المخالفات الدستورية هي بأهمية المخالفات العقائدية». تبدو المصادر «عقلانية»، وهي تُبرز «العثرة التي تُعرقل عمل المعارضين»، وهي أن الاعتراضات «لا تطاول الموقف السياسي. فلا خلاف حول الرؤيا والتحالفات. الخلاف هو حول فعالية الحزب الإعلامية والتنظيمية واللعب بالدستور». هذه النقطة هي ثغرة «لأنه حين يحصل تباين سياسي تُصبح عملية الانفصال وتأسيس حالة جديدة أسهل. لكننا في السياسة غير مختلفين».

المعترضون على تعديل الدستور ينقسمون إلى قسمين لا يظهر وجود تنسيق بينهما. واحد يمثله عضوا المجلس الأعلى جبران عريجي وأنطون خليل. وهذه المجموعة تعمل من داخل المؤسسات الحزبية. أما القسم الثاني، فيبدو أبعد من الأول عن «المركز»، ويضم قوميين غير حزبيين، وآخرين لا يزالون «يسدّدون اشتراكاتهم»، ومن بينهم أعضاء في مجموعة «قَسَم» (قوميون سوريون موحّدون) التي أعلن مؤسسوها حلّها. مصادر القسم الثاني تذهب بعيداً. تتحدّث عن «خطوات سنقوم بها، وهي الاستمرار بالاعتراض وتنظيمه عبر محاولة إسقاط هذه المهزلة، وإلا فبناء مؤسسة جديدة ترضي ضمير القوميين». لذلك، «شُكلت لجنة متابعة من أفراد ما زالوا داخل الحزب وآخرين خارجه لدراسة الخطوات اللاحقة. وهي تبحث إمكانية عقد مؤتمر صحافي يوم الأحد أو تنظيم اعتصام في أحد المراكز الحزبية». عنوانان يهمّ المعارضين التركيز عليهما: «التراجع عن التعديل واستعادة القوميين لمؤسستهم أو بناء أخرى». أما من يُراهن «على انكفائنا فهو مُخطئ. ولكن لم يتركوا لنا مجالاً للمعارضة من الداخل. إضافة إلى ذلك، دخلنا إلى الحزب لتغيير المجتمع وليس لصرف كل جهودنا في المعارضة». المراهنة حالياً هي على «إرادة الناس». ولكن هذا الأمر ألا يُضعف الحزب الذي يُقاتل في سوريا؟ «أولاً، القوميون بدأوا بالقتال في سوريا بصورة فردية، قبل أن تُنظم قيادة الحزب «نسور الزوبعة». ثانياً، أن يظهر وكأنه لا يوجد سوى شخص (حردان) لإدارة الحزب ومخالفة كلّ ما يُميزه هو الذي يُضعف السوريين القوميين».

حتى اليوم، يبدو حردان ممسكاً بـ«الشرعية الحزبية»، وبالتأييد الذي لقيه في مؤتمر الحزب. وعلى مستوى القاعدة الحزبية، لم تظهر بعد أي حالة رفض جدية يمكن المعترضين التعويل عليها. وفي الأصل، القسم الأول من المعترضين لا يريد تحويل اعتراضه إلى انشقاق. أما القسم الثاني، فالأيام المقبلة ستكشف قدرته على «التحشيد» من عدمها.