IMLebanon

دار الفتوى تسقط مُبادرة رئاسيّة… «لا لتكرار تجربة بكركي»

 

 

قبل ان يفتح قصر بعبدا باب الاستشارات النيابية الملزمة، فتحت القوى السياسية المتحالفة قنوات التواصل والوساطات، سعياً للاتفاق على من قد تسميه من ضمن شروطها المعلنة، علّها تنجح في ايصال رئيس مكلف، متجاوزة تداعيات اي انقسامات جديدة في ظل معضلة الاكثريات الضائعة والمشتتة.

 

وفيما تنشط المساعي في خندق 8 آذار للاتفاق على اسم مشترك تحمله مكوناته الى قصر بعبدا، تدل المعطيات على ان لا تفاهم بعد بين الثنائي الشيعي المحبّذ اعادة تسمية الرئيس نجيب ميقاتي من جهة، والتيار الوطني الحر الرافض هذا الخيار من جهة ثانية، خاصة بعد الحرب القائمة بين السراي وميرنا الشالوحي وفرض كليهما شروطاً، في مقابل معارضة لا تبدو الامور على ضفتها بحال افضل، اذ لم تتوصل بعد الى التوافق على اسم شخصية واحدة تسميها في الاستشارات، وتقول اوساطها ان الاتصالات في ما بينها وبين «المستقلين والتغييريين» لا تهدف الى الاتفاق على اسم الرئيس، بقدر ما هو اتفاق على مواصفاته ومواصفات الحكومة ووزرائها، من اجل تأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية من خارج الاسماء التقليدية المطروحة.

 

دخول التكليف عنق الزجاجة دفع بالاطراف المعنية الى المبادرة باتجاه دار الفتوى، بعدما تبين عجز النواب السنّة عن الوصول الى اتفاق موحد على تسمية شخصية او اثنتين لتولي رئاسة الحكومة، ورهان الكثيرين على دور ممكن للمفتي دريان في ظل التشتت الذي يصيب الساحة السنية، من جهة مع غياب «تيار المستقبل» والفراغ الذي احدثه، في المقابل هناك حماسة سعودية ترجمت بلقاءات التي يقوم بها السفير السعودي. من جهته، تواصلت رئاسة الجمهورية، وفقا لمصادر مواكبة للحركة الجارية مع دار الفتوى املا في تحقيق خرق ما يسمح بالخروج من الحلقة المفرغة التي تدور فيها، حيث يقوم الطرح على تذكية شخصية لتولي رئاسة الحكومة العتيدة.

 

وتتابع المصادر بان دار الفتوى غير مستعدة للدخول في هكذا «بزار»، «ما متت ما شفت مين مات» من تجربة البطريركية المارونية في ملف الانتخابات الرئاسية السابقة لسنوات، مستدركة ان المرجعية الدينية السنية تقف على مسافة واحدة من الجميع، وهي غير مستعدة للانحياز لاي طرف او جهة او شخصية في ظل الفراغ والتشتت الذي تعانيه الطائفة، معتبرة ان الحل يكمن في تطبيق الدستور ومواده.

 

اما على الخط الآخر، فقد شغلت حارة حريك محركاتها بعدما استشعرت خطرا جديا قد يحول دون عودة مرشحها الى السراي، في ظل الحسابات الدقيقة والمعقدة التي افرزتها التوازنات الجديدة والتي تجعل من الامر غاية في الحساسية، فالحسابات هذه المرة تختلف كليا عن كل ما سبق من مراحل، ما جعل الضاحية تتحرك في اتجاهين «البياضة» و»بلاتينوم»، علها تنجح في التخفيف من حدة الشروط المتبادلة بين الطرفين، ومن النبرة العالية التي تخطت السقوف المعهودة.

 

الحركة الداخلية تلك واكبتها حركة ذات طابع خارجي، تجلت في زيارات السفير السعودي المتفرقة، والتي انتهت على ما يبدو، وفقا لاوساط متابعة، الى عدم وجود حماسة لدى الرياض لاعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي، خصوصا ان باريس والكلام للاوساط «ملتهية» بنتائج انتخاباتها التشريعية التي شكلت كارثة كبيرة للعهد الماكروني الثاني، الذي سيكون مضطرا للتعايش مع اكثرية نيابية معارضة، وهو ما دفع بالمسؤولين في الاليزيه الى عدم الاجابة على الاتصالات الواردة من بيروت الى حين تكوين رؤية تسمح بحسم الخيارات.

 

الايام الفاصلة عن استشارات الخميس حاسمة وحافلة بالتطورات والاتصالات والمواقف التي سترسم معالم الفترة المقبلة، وتفرز الخيط الابيض عن الاسود. فهل تنجح الاتصالات في الاتفاق على تزكية شخصية تكلف التشكيل، علما ان التكليف لا يحتاج دستوريا الى الغالبية، ام تضطر بعبدا الى التأجيل؟