IMLebanon

«وسواس الشغور» يسيّس الملفات.. حتى النفط

رغم أن جزءاً مهماً من «اتفاق الدوحة» لم ينفذ، وخصوصاً البند المتعلق بعدم الاستقالة من الحكومة او تعطيلها، فان «ملائكته» ما زالت حاضرة في الحياة السياسية، و»شياطينه» ايضاً، مثل سياسة ربط الملفات التي اصبحت قاعدة لإنجاز اي استحقاق، رئاسياً، كان أم نيابياً ام ادارياً ام اقتصادياً.

هذه القاعدة تكرست اكثر وأكثر إثر انطلاق مسلسل الشغور الرئاسي، حيث انه كلما جرى تعطيل ملف في الدولة تم ربطه بالملف الرئاسي، وكلما جرى الحديث عن انفراج في ملف معيّن تم ربطه ايضاً بالملف الرئاسي، وكأن «وسواس الشغور» اصبح مهيمناً على قراءة اي حدث سواء سلك مسار التعطيل ام الانجاز.

مراجعة سريعة لمسيرة هذه الحكومة تظهر كيف ان مجموعة من الملفات جرى تسييسها ربطاً بالاستحقاق الرئاسي، بدءاً من ولادتها التي تزامنت مع حوار بين الرئيس سعد الحريري والنائب ميشال عون، وجرى ربطها بـ»انفراج رئاسي» بين الجانبين. كما يتذكر المراقبون ملف النفايات الذي نُسبت تعقيداته في لحظات معينة الى التعقيدات الرئاسية، وصولاً الى ملف النفط الذي أشعل مخيلة القوى السياسية الرئاسية بمجرد انعقاد لقاء بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس التيار «الوطني الحر» الوزير جبران باسيل.

هذا يعني ان سياسة «ربط الملفات» ما زالت حية لا بل اصبحت قاعدة تتحكّم بيوميات السياسة الداخلية (ثلاثية الحوار في الاسبوع الاول من آب) وإن لم تكن بعض الملفات مرتبطة فعلاً بعضها ببعضها الآخر كما هو حال ملفي النفط والرئاسة.

ذلك ان وقائع لقاء الرئيس برّي والوزير باسيل التي تسرّبت والتي اقرنت بمواقف معلنة لرئيس المجلس نفت اي تطرق الى الملف الرئاسي. كما ان ما رشح عن اللقاء الذي جمع الرئيس بري مع وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت لدى زيارته لبيروت لم يظهر تحولاً في موقف بري الرئاسي. وعلاوة على ذلك لم يصل ملف النفط حتى اليوم الى مراحل مفصلية يمكن الولوج منها الى استنتاجات رئاسية صلبة.

والدليل على ذلك ان اتفاق بري باسيل انحصر بالجانب المتعلق بأولوية البلوكات باعتباره كان محط نزاع بين الطرفين، اما ما تبقى من الجوانب التقنية فيحتاج الى تفاصيل يفترض مناقشتها في اللجنة الوزارية المعنية تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

حتى ان رئيس الحكومة تمام سلام لم يتبلّغ رسمياً بعد نتيجة الاتفاق بين الجانبين رغم ما تردد عن لقاءين جمعاه بكل من وزيري المال علي حسن خليل والخارجية باسيل. ذلك ان مصدراً وزارياً قريباً من سلام يؤكد ان ما جرى لم يعدُ كونه «إطلاعاً جانبياً« لم يتجاوز هذه الحدود. ويروي انه بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء الفائت «تمشّى» الوزير خليل مع رئيس الحكومة في «كولوار» السرايا الحكومية وأطلعه على نتائج لقاء عين التينة، تماماً كما عاد وفعل الوزير باسيل.

لكن المصدر الوزاري استدرك بالقول ان ما جرى لا يمكن اعتباره «تبليغاً« رسمياً لرئيس الحكومة عن نتائج اتفاق عين التينة، ذلك ان هذا الامر يحتاج الى اجتماع رسمي في السرايا او لقاء بين الرئيسين بري وسلام بحيث يمكن للأخير بعد ذلك دعوة اللجنة الوزارية المعنية الى اجتماع يفتح الطريق امام مناقشة هذا الملف في جلسة لمجلس الوزراء.

وفي الحالين فان دعوة اللجنة الوزارية قد لا تكون ممكنة الاسبوع المقبل بسبب سفر الرئيس سلام الى موريتانيا لترؤس وفد لبنان الى القمة العربية، حيث تمكن الدعوة اليها بعد العودة لتُفتتح بعد ذلك مسيرة الألف ميل النفطية التي لن تكتمل قبل عهدين رئاسيين على الاقل.