تعددت التحليلات، وتنوعت التعليقات على مبادرة الرئيس نبيه برّي الثلاثية الاضلاع، كما وصفها أحد النواب الذين شاركوا أوّل من أمس في الجولة التاسعة عشرة لهيئة الحوار الوطني التي دعا إليها رئيس المجلس في الأساس، لاتفاق الأطراف على قواسم مشتركة تفضي إلى إنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية والاتيان برئيس يخرج البلد من الحالة المأزومة، ويوقف تدحرج الأوضاع العامة نحو الهاوية، وقد توزعت التحليلات والتعليقات بل انصبت على طبيعة واهداف المبادرة وهل ان الهدف الأساسي منها، هو ايجاد مخرج للأزمة التي تعصف بالوطن أم الدخول في المجهول.
وكان لافتاً في هذا السياق ملاحظات البعض على طرح برّي المتعلق بإجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون الستين في غياب أي مؤشرات توحي بإمكانية التوصّل إلى اتفاق حول قانون جديد، كون اعتماد هذا القانون الذي اعتمد في الانتخابات النيابية السابقة سيعيد فرز المشهد نفسه الذي نعيشه تحت قبة البرلمان، أي لا أكثرية يمكنها ان تحكم ولا أقلية يمكنها ان تفرض ما أدى إلى هذه الحالة من المراوحة السلبية التي يعيشها الوطن منذ قرابة العامين، أي منذ الشغور في رئاسة الجمهورية، والانقسام الحاصل بين فريقين لا يلتقيان طالما يملك كل منهما حق الفيتو وتعطيل الانتخابات الرئاسية، وبكلام آخر ان هذ الاقتراح المتعلق بإجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون الستين، يعني كما صنفه نائب رئيس القوات اللبنانية النائب جورج عدوان ان الأزمة باقية، والبلد يتدحرج بسرعة في اتجاه الهاوية السحيقة والتي لا قرار لها فهل كان المطلوب من هذا الاقتراح إبقاء الوضع المأزوم في عنق الزجاجة وعليه ما الذي يمنع ان تستمر لعبة تعطيل النصاب التي تمارس من قبل التيار الوطني الحر وحزب الله ما دام انتخاب رئيس التيار غير مضمون كي لا نقول ان حظوظه معدومة.
أما ان يضيف الرئيس برّي على اقتراحه هذا شرطاً آخر يقضي بأن يتعهد النواب ومرجعياتهم مسبقاً بحضور الجلسات الانتخابية التي يدعو إليها بمن حضر فأمر مشكوك به، ومن يضمن ان الأطراف المعنية سيلتزمون به بعد الانتخابات النيابية إذا شعروا انه يتعارض مع مصالحهم، وهذا يطرح بدوره السؤال لماذا لا يفرض اليوم مثل هذا الشرط ويدعو الرئيس برّي إلى جلسة انتخاب الرئيس بالنصف زائداً واحداً كما ينص عليه الدستور أو بمن حضر وينقذ الوطن من تداعيات استمرار الشغور في رأس الدولة، ألم يطلب منه فريق الأكثرية ذلك، ويلحون عليه بالطلب ولم يستجب بل تذرع بآراء واجتهادات لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالدستور ليؤكد بذلك ان المشكلة من أوّلها إلى آخرها عند الفريق المقاطع لجلسات انتخاب الرئيس هي سياسية وأن إنجاز الاستحقاق الرئاسي لإخراج لبنان من عنق الزجاجة يحتاج إلى قرار سياسي غير متوافر حتى اللحظة، ولا يبدو انه سيتوافر في المستقبل المنظور لأنه مرتبط بالازمات التي تعيشها المنطقة العربية، ومنطقة الشرق الأوسط والتي لا يوجد أي مؤشر على انها تقترب من النهاية بقدر ان كل المؤشرات والمعطيات تدل على انها طويلة وطويلة جداً.