IMLebanon

هواجس الخائفين  من تفاهم معراب

التعددية لا تزال حية في جبل لبنان، وسط طغيان الاحاديات على مذاهب ومناطق. ولم يكن من المفاجآت ان تتنوع الصور في المشهد الانتخابي يوم الاحد، فيما ابقى نافذة مفتوحة على الامن في تحريك آلة السلطة للعمل في اطار النظام التعددي الديمقراطي. ولا كان خارج التوظيف السياسي لجوء اطراف عدة الى المبالغة في تصوير الحجم الشعبي ل تفاهم معراب ثم في الخوف من قدرة التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على تهميش احزاب وتسكير بيوت سياسية. والمطلوب، ليس ما يتمناه البعض من باب اليأس وضعف المشاركة، وهو الانتقال من التعددية الى احادية مسيحية تواكب الاحاديات الاخرى، بل عودة التعددية الى المذاهب والمناطق المحكومة بالاحاديات.

ذلك ان دروس الانتخابات البلدية كثيرة لمن يريد التعلم. لكن القاسم المشترك بين القراءات هو تسليط الأضواء على ما فعله ولم يفعله تفاهم معراب. وهو ايضا استمرار ما كان بين التوقعات المعلنة قبل الانتخابات. والمؤكد ان طرفي التفاهم يعرفان ما فيه من نقاط ضعف وثغرات، وسط نقاط القوة، اكثر من الآخرين. فالتفاهم ابعد من موضوع الترشيح الرئاسي. وهو محطة اولى ومهمة على طريق تحالف تفرضه قوة الاشياء ويحتاج الى رعاية يومية. وليس ما رأيناه في ادارة الانتخابات البلدية سوى روداج على الممارسة السياسية والادارة المشتركة للانتخابات البلدية والنيابية والرئاسية بعد سنوات طويلة من الخلافات والصراعات التي كان بعضها بالسلاح.

اكثر من ذلك، فان تفاهم معراب هو تطور دراماتيكي يرسم خطا جديدا على خارطة الصراعات والتحالفات في البلد. وهو بهذا المعنى فاجأ أطرافاً محلية واقليمية رسمت مواقفها وسياساتها على اساس ان الصراع بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من الثوابت على الخارطة السياسية. لا بل انه اربك قوى متعددة عندما صار من المتغيرات.

وليس قليلا عدد الاطراف التي تتحدث عن فشل التفاهم وانكشاف الحجم الحقيقي لما سمي تسونامي الثنائي – المسيحي. لكن قلة من هؤلاء تنظر بواقعية الى السلبيات والايجابيات. والكثرة ترتاح الى الفشل وتتمنى فرط التفاهم. وان أوحت انها تحذر من الفشل وتتمنى لو تمت المصالحة من زمان.

والمفارقة مذهلة بين تكبير اللعبة البلدية والادوار فيها وبين تصغير المخاطر الوجودية على لبنان. فكل قرية تخاض المعركة البلدية فيها تحت عنوان الحرص على ممارسة قرارها المستقل، في حين ان لبنان كله بلا قرار حتى في مسألة انتخاب رئيس. والسيناريوهات المعلنة بالنسبة الى مصير سوريا والعراق واليمن وليبيا تلتقي عند النموذج اللبناني وتطبيق ما يماثله، في حين ان لبنان معطل وعاجز عن تسيير آلة السلطة.