يقول سياسي بارز إن الأحداث الجارية وتطوراتها المتلاحقة في المنطقة إذا لم تنتهِ بتفاهم أميركي ـ إيراني، سيكون صعباً إنجاز تسوية للأزمات الإقليمية الماثلة، ومنها الأزمة اللبنانية في المدى القريب.
ويرى هذا السياسي، أنه لا يمكن البحث في موعد لإنجاز الإستحقاق الرئاسي، قبل تلمّس طبيعة ذلك التفاهم الأميركي ـ الإيراني. ويعتقد أن أمرين يعوقان هذا التفاهم : النزاع المذهبي الدائر في المنطقة، والموقف الإسرائيلي الذي يضغط على الإدارة الأميركية لإبقاء الفوضى قائمة في المنطقة، وشنّ حرب على إيران و»حزب الله».
فالنزاع المذهبي يدور، في رأي هذا السياسي، بين دول الخليج العربي وإيران، بحيث إن الدول الخليجية تطلب من الولايات المتحدة الأميركية أن تتولّى وإياها الحرب على «داعش» في العراق، وحتى في سوريا، من دون أي شراكة إيرانية فيها، فيما واشنطن ترى أن التعاون مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ذات النفوذ الكبير في العراق خصوصاً، وفي المنطقة عموماً، أمر حيوي لا بد منه لضمان الإنتصار في الحرب على «داعش» و»أخواتها».
ويقول السياسي نفسه إن هناك تلاقياً تلقائياً أميركياً ـ إيرانياً على محاربة «داعش»، كونها تشكل خطراً على مصالح الجانبين في العراق خصوصاً، وفي المنطقة عموماً. ذلك أن الولايات المتحدة الأميركية لا تستطيع أن تقضي بمفردها على «داعش»، وإنها اذا تفرّدت في الحرب ضد هذه المنظمة المتطرفة، قد تجد نفسها أمام أفغانستان جديدة لم تستطع الخروج من وحولها بعد.
والأمر نفسه بالنسبة الى طهران، التي ترى أن تتم مواجهة «داعش» بشراكة بين جميع المتضررين منها، دولاً وشعوباً، ولا تُحبّذ أن تخوض هذه المواجهة بمفردها أو بالتعاون مع قلة من المتضرّرين، لأن خطرها يتهدّد الجميع وليس دولة أو طائفة من الطوائف بعينها.
ولذا يعتقد السياسي إياه أن هذه المعطيات هي ما ستدفع الجانبين الأميركي والإيراني ومعهما الدول الغربية الى التفاهم على خوض المعركة ضد «داعش»على رغم استبعاد إيران وسوريا عن التحالف الدولي، الذي أعلنه إجتماع جدة الأخير. بدليل ما أعلنه الرئيس الأميركي باراك أوباما من أن بلاده «أساءت تقدير الأزمة في سوريا، ما أدى إلى تسهيل ظهور وتشكيل مجموعات إسلامية متطرفة خطيرة على غرار داعش». لافتاً الى أن رئيس أجهزة الإستخبارات الأميركية جيم كلابر أقرّ بأن هذه الأجهزة لم تُحسن تقدير ما جرى في سوريا.
ويرى هذا السياسي أن أوباما راغب بالتفاهم مع إيران، ولكنه يُواجه عقبتين: الأولى تتمثل بإسرائيل التي يناسبها استمرار الفوضى والخراب في المنطقة من خلال ما تقوم به «داعش» و«أخواتها»، وان يلحظ أي تفاهم أميركي – إيراني، ما يؤدي الى تقويض برنامجها النووي و«حزب الله».
اما العقبة الثانية فهي أن دول الخليج تريد من واشنطن أن تخوض وإياها المعركة ضد «داعش» من دون أي مشاركة إيرانية من شأنها أن تزيد من النفوذ الإيراني في المنطقة.
والسؤال المطروح، في رأي السياسي إياه، هو: هل سيكون لدى أوباما القدرة الكافية على تخطّي هذه الإعتبارات الإسرائيلية والخليجية والإتفاق مع إيران على مواجهة «داعش»؟
ويقول إنه إذا حصل هذا لأوباما، فإنه يحصل عندئذ إتفاق دولي يشمل إيران، وفي ضوئه يمكن البحث في حلول سياسية لأزمات المنطقة ومنها الأزمة اللبنانية، أما اذا لم يحصل هذا التفاهم، فإن هذه الأزمات ستطول وتطول…
ويقول سياسي آخر إن المعركة التي أعلنها التحالف الدولي ضد «داعش»وكل المنظمات الشبيهة بها اذا لم تؤدِّ الى دحر مرحلتها، فإن ذلك سيشكل هزيمة دولية لا تستطيع الولايات المتحدة ولا غيرها من دول غربية وإقليمية تحمّلها.
واذ يسأل هذا السياسي «هل أن «الكومبرومي» الأميركي ـ الغربي مع النظام السوري بات قيد الإنجاز بما يؤدي الى بقائه؟ يجيب مستطرداً، «إن هذا «الكومبرومي» لم يحصل بعد، وإن روسيا وإيران تدفعان في اتجاه التوصل اليه، فيما واشنطن وحلفاؤها ما زالوا مستنكفين عن التفاهم مع دمشق.
ولكن في النهاية، سيتم التوصل الى تسوية سياسية للأزمة السورية تكون روسيا شريكة فاعلة فيها، وعندئذٍ يمكن تمرير تسوية للأزمة اللبنانية بدءاً بانتخاب رئيس جمهورية جديد، على أن تستكمل بقية بنود هذه التسوية، بعدما تكون التسوية السورية بلغت خريطة الطريق التي ستوضع لها.