الدولة وهيبتها سقطتا في 13 تشرين الاول 1990، عندما تنازل رئىس الجمهورية يومذاك الياس الهراوي وحكومته، وقائد جيشه العماد اميل لحود، عن سيادة لبنان للجيش السوري، وسمحوا له باحتلال القصر الجمهوري ووزارة الدفاع، وقتل وخطف المئات من الضباط والجنود والمدنيين اللبنانيين، واعدام العديد منهم اما برصاصة في الرأس واما بالتعذيب في السجون السورية، وحكم لبنان بعد ذلك بالقمع عن طريق النظام الأمني السوري ـ اللبناني، حتى العام 2005، وبالتالي، فان من يتحدث في هذه الايام عن الدولة وهيبتها وسيادتها، فهو اما غافل عمّا حصل في العام 1990، واما يحاول ان يذر الرماد في العيون، بسبب ضعفه وتراجعه امام «داعشية» اخرى، تلبس لبوس المدنية والتغيير، ولم تغيّر حتى الآن وبعد اكثر من شهرين على «ولادتها» الاّ كل شيء حسن في وسط بيروت، وكأنه كتب على هذا الوطن، ان ينحر احياناً بيد شقيق، وان يحكم بفاسد، وان يعيش في فقر وخوف وفوضى وفراغ.
الدولة السورية في 13 تشرين الاول 1990، ارتكبت الخطيئة الكبرى عندما اجتاحت مراكز السيادة في لبنان، واعدمت الاسرى، وحكمت لبنان «بالشراكة» مع جماعة فاسدة.
وهذه الجماعة، ارتكبت الخيانة الوطنية، عندما اسلمت قيادها، واستقلال لبنان وسيادته وحريته الى غير لبنانيين.
اما الحراك المدني الذي انتظرناه طويلاً، وراهنّا على ان يكون المهدي المنتظر الذي سوف ينقذ لبنان من الواقع المزري القائم، بالتعاون مع الطيبين من القيادات، ممن لم يتلوثوا بالفساد والصفقات والهدر، فاذ به «يتمرجل» على الصالحين من المسؤولين، حتى ولو اخطأوا او قصّروا في حالة ما، لكنهم ناس شرفاء، نظاف الكف والضمير، ويوجّه سهامه الى رجال الأمن، الفقراء المتعبين، ويدفع ببعض الشبّان والشابات المهووسين بالجنس وبحركات الجنس، الي اهانة قوى الامن من جهة، والرجم بالحجارة المقتلعة من الارصفة والجدران، من جهة ثانية في معاركة لا تدور الا بين اعداء، فهل بهذه الطرق يربحون عطف الشعب، ويحققون الاهداف الحقيقية المنتظرة.
في ذكرى 13 تشرين التي كنت شاهداً على بعض الجرائم التي ارتكبت في ذلك اليوم المشؤوم، ابارك لشهداء الجيش الابطال، شهادتهم المكللة بالغار، واترّحم على المدنيين الابرياء الذين قتلوا بدم بارد، واغضب لعدم كشف مصير المخطوفين من جيش ومدنيين ورجال دين، وادعو اهل الحراك المدني ان يوقفوا حراكهم رحمة بما بقي من امل، او ان يصوّبوا بوصلتهم بالاتجاه الصحيح.