IMLebanon

١٣تشرين… هذه المرة !

قد يبدو غريباً ان تتخذ ذكرى عملية ١٣ تشرين الاول ١٩٩٠ هذه السنة تحديداً دلالات وأبعاداً يحتاج الى استخلاصها اللبنانيون عموماً والمسيحيون خصوصاً اكثر من كل المناسبات السابقة. لسنا ممن انزلقوا الى اسقاط كل ما نراه من أهوال وفظائع تجري في العراق وسوريا على الواقع اللبناني، ولو ان اي شيء في هذا الواقع لا يثير الا الخوف من الآتي المفترض الذي تبدو فيه المناعة الداخلية امام خطر يوازي خطر الارهاب المهدد للحدود. مع ذلك تملي ذكرى ١٣ تشرين الاول حصراً تحفيز عامل قوة لدى اللبنانيين يتصل بنضج التجربة لديهم حيال مسألة مصيرية بالكامل هي كونهم من أوائل الشعوب العربية التي ذاقت بعد الفلسطينيين مرارة انتظار انقاذ يأتيهم من تقاطعات دولية حين تكون حرب المصالح الخارجية ساحقة للمجموعات والشعوب.

في لحظة مقارنة بين حقبة وأخرى على اختلاف المتصارعين وطبيعة الدول المنكوبة، لا بد من التذكير بان لبنان شهد قبل ١٣ تشرين الاول وتحديداً في ١٣ نيسان ١٩٧٥ الشرارة الاولى للتضحية الخارجية به بتقاطعات المصالح والصفقات. ليس اقرب من هذا النموذج الآن سوى معركة كوباني التي يستبسل الأكراد في الدفاع عنها بما لا يقاس بمعركة ستالينغراد في الحرب العالمية الثانية، فيما تجري على نار هذه المقاومة الكردية الأسطورية احدى اشد الألاعيب الدولية – الاقليمية اثارة للتقزز ويضحى بمئات الآلاف من ابنائها “انضاجاً” للشروط التركية للتدخل البري بعد فوات الأوان.

لذا يتعين على اللبنانيين، ولا سيما منهم المسيحيون، ان يمضوا بلا هوادة في تحصين جبهة التمترس الشامل وراء الجيش، أقله كما تنبىء شعاراتهم ومواقفهم في إطارها العام الغالب، ولكن ثمة اضافة ضخمة لعلها اهم وأخطر في قصورهم عن استكمال هذا الموقف لم تعد تحتمل اي اضافة في العد العكسي. هل يكفي ان يغضب مسيحيون للاستفزاز الذي يثيره خطاب التخويف والاستهانة الذي يستحضر خطر التكفيريين للزعم انهم في حاجة الى حماية؟ وهل كان يمكن أيا كان ان يرفع لواء هذا التخويف والتوظيف لولا انكشاف المسيحيين في أزمة الفراغ الرئاسي وتخبط الرؤى المتناقضة لدى قواهم ومرجعياتهم بما فيها المرجعيات الدينية حيال وسائل مواجهة الخطر المحدق بالمسيحيين؟ ثم، وهنا الأهم، اذا كانت التفاعلات الحارقة للصراع المذهبي في لبنان اختبأت وراء انقسامات المسيحيين وتنافسهم ومعاركهم الصغيرة أفلم يحن الأوان امام خطر وجودي حقيقي لمغادرة المربعات العتيقة بقلب الوضع رأساً على عقب بملء الفراغ الرئاسي قبل فوات الأوان؟

وثمة ما يستدعي هنا صراحة فجة تتصل بتصاعد منطقي لأسئلة وشكوك حول ما اذا كان الفراغ الرئاسي قد أسلس الطريق للإطاحة بالنظام فيما المترفون بالتعطيل هم آخر من يدري ماذا يرتكب باسمهم.