في الذكرى الرابعة لثورة 17 تشرين، (ومع بداية «ثورة 7 تشرين» في غزة)، يأخذ عليها من يجهل تاريخ الثورات، أنها «لم تحقق شيئاً»! ويجهل هؤلاء أن أول نتاج الثورة الفرنسية، على سبيل المثال، لم يكن الديمقراطية ولا الجمهورية بل العنف والقتل ثم الديكتاتورية مع الامبراطور نابوليون بونابرت! لاحقاً، وبعد سنوات طويلة جداً أوصلت الثورة الفرنسية فرنسا الى الديمقراطية!
لم تسكت ثورة 17 تشرين عن الظلم اللاحق باللبنانيين. بل ناضلت من أجلهم، ومن أجل كرامتهم، بكل طاقاتها الشعبية! رفعت ثورة 17 تشرين الصوت في الداخل والخارج. وزرعت الثورة، غير العنيفة (وهذا مأخذ آخر عليها من قبل البعض)، النفس الثوري بين الشعب. هذا النفس الذي كان بدأ بموجات عدة «صغيرة» في السنوات السابقة. وهو سيعود في موجات لاحقة حتماً عندما تأتي اللحظة المناسبة (momentum)، والتي لا يمكن لأي كان تحديد ساعتها!
أبرز ما حققته 17 تشرين:
زلزلت ثورة 17 تشرين الأرض بتظاهراتها المليونية لأجل كرامة اللبنانيين. وهي قامت بمساءلة عشرات الوزراء والمسؤولين. وفتحت عشرات ملفات الفساد. أسقطت حكومتين (مباشرة أو بشكل غير مباشر)، واجهت مجلس النواب بعشرات التظاهرات. دخلت على عدد كبير من الوزارات والإدارات. واجهت وزراء ومدراء عامين. وتظاهرت مرات عدة في محيط عين التينة وعلى مداخل القصر الجمهوري. أخافت ثورة 17 تشرين ومنعت عشرات المسؤولين من التواجد في الأماكن العامة. لا بل حرمت كل «الأسماء النافرة» من المسؤولين من العودة لأي حكومة منذ بدايتها وحتى اليوم! دعمت 17 تشرين استقلالية القضاء بمئات التحركات. ودعمت لاحقاً المطالبة بالعدالة في أكبر جريمة بتاريخ لبنان والتي فجرت بيروت بتفجيرها للمرفأ… وشرّعت للجميع الباب للمطالبة بدولة مدنية وبدولة القانون وبالعدالة الاجتماعية، كما شرّعت الباب لخروج لبنان من الطائفية والمذهبية، ولتطبيق اللامركزية. طالبت بتطبيق الدستور، على الرغم من ملاحظاتها عليه، ومن تسجيلها ضرورة تعديل موادٍ تمنع تعطيل الحياة العامة. كما طالبت بسيادة كاملة للدولة على أراضيها، وبسلاح واحد في أيدي الجيش والقوى الأمنية، مع التزامها بمواجهة كل أعداء لبنان من اسرائيل وداعش وكل أنواع الارهاب والمخاطر. وقفت مؤخراً مع الخط 29 في مسألة ترسيم الحدود، الذي تخلّت عنه الدولة بدعم حزب الله لصالح العدو الإسرائيلي… ومع كل ذلك، يقول البعض إنها لم تكن تملك برنامجاً موحّداً أو فكراً موحّداً!!!
نضال مطلبي كبير أيضاً
دافعت ثورة 17 تشرين أيضاً عن مطالب اللبنانيين الحياتية واليومية، كما دافعت عن كرامتهم، وعملت لتحقيق التغيير المنشود؛ وعلى سبيل المثال، أقفلت كل مكاتب ومعامل كهرباء لبنان في يوم واحد اعتراضاً على قطع الكهرباء. وأقفلت كل مكاتب أوجيرو في كل لبنان في يوم واحد اعتراضاً على فسادها وسوء خدماتها. واجهت شركتي ألفا وتاتش بسبب سوء إدارتهما للقطاع والظلم اللاحق بالناس…
تسونامي نيابي بالأصوات التفضيلية لـ 17 تشرين بدّدها تعدّد اللوائح!
بعد النشاط «على الأرض»، نجحت ثورة 17 تشرين بتحقيق تسونامي انتخابي نيابي بحصول لوائحها مع القوى التغييرية على 472.000 صوت تفضيلي، أي ما يفوق أصوات حزب الله (340.000 صوت) والتيار الوطني الحر (121.000 صوت) سوياً! ولكنها بدّدت تلك التسونامي بعدم قدرتها على توحيد اللوائح في كل المناطق! وكنت قد أدرت شخصياً، مع أصدقائي في اتحاد ساحات الثورة، معركة توحيد اللوائح بحوالى مئة ورشة عمل واجتماع، ولكن النتائج كانت محدودة ومخيبة للآمال! وبدلاً من أن تحصد ثورة 17 تشرين حوالى 35 الى 40 نائباً، حصلت على 13 ثم 12 نائباً، لم ينجحوا بتشكيل كتلة نيابية موحّدة ولا حتى أمانة سر موحدة على الأقل! وتشتّت رأيهم في عدد من المواضيع، أبرزها في الانتخابات الرئاسية. وهو ما أفقدهم دعم الرأي الثوري والرأي العام معاً!
من دون محاسبة… بعد!
ولكن ثورة 17 تشرين لم تنجح في المحاسبة… بعد! لم تزج الفاسدين في السجون. لم تعلق المشانق. لم تغيّر الطبقة السياسية بالكامل! ولكن المحاسبة ستأتي لا محال، حتى ولو بعد حين، حتى ولو بعد أكثر من جيل!
ما الذي أضعف 17 تشرين؟
تعرضت ثورة 17 تشرين لعوامل عدة أفقدتها قوة دفعها. أبرزها فيروس الكورونا وأزمة انقطاع البنزين والأزمة المالية الكارثية وسرقة كل أموال المودعين (بعض الأغبياء يحمّلون ثورة 17 تشرين مسؤولية التدهور المالي بدلاً من الذين سرقوا أموالهم)!!! كل ذلك، من دون أن ينسى أحد ما تعرضت له 17 تشرين من اضطهاد السلطة لناشطيها، الذين أُوقف الكثيرون منهم وتعرض آخرون لإصابات ولخسارة عيونهم، بالإضافة الى تضحيات أكثر من 10 شهداء. اضطهاد وغزوات بلغت حد حرق الخيم في كل الساحات من ساحة الشهداء الى رياض الصلح الى العازارية، الى ساحة العلم في الصور والى ساحات النبطية وايليا في صيدا وزحلة والعبادية وخلدة… مدن عدة قدمت الكثير وتعرّضت للاضطهاد مثل طرابلس وغيرها…
مواجهة نظام مصرفي فاسد
تظاهرت ثورة 17 تشرين وواجهت حاكم مصرف لبنان وكشفت عن فساد التعاميم الكارثية. كما واجهت المصارف وطالبت بإعادة الودائع… وبالإضافة الى كل ذلك، تعرّضت لطعنة في القلب من المجتمع الدولي، الذي تخلّى عن إرادة الشعب اللبناني الذي صوّت بأقدامه في الداخل وفي الاغتراب لصالح الطبقة السياسية الفاسدة «المنتخبة من الناس»، كما كل السلطات التي يثور الناس ضدها!
أين يقف الإعلام؟
ساند الإعلام، غير الممانع، ثورة 17 تشرين بقوة خلال تحركاتها الميدانية! ولكن الإعلام المتلفز توقف عن مساعدتها بعد الانتخابات النيابية، مكتفياً بحصر الإطلالات الإعلامية بنواب أوصلتهم 17 تشرين. ولكنهم فقدوا التواصل الاستشاري مع قاعدتها وقياداتها. ولم يعطِ الإعلام بعد ذلك مساحة لقادة تحركاتها! لا بل وضع بعضه فيتوهات على ظهورهم في البرامج السياسية!
مصاعب إضافية بين النزوح والحرب المحتملة
كان يمكن للموجة الأولى من ثورة 17 تشرين أن تحقق أكثر وأفضل بالتأكيد. ولأنها ناضلت كثيراً، فهي بالتأكيد ارتكبت الكثير من الأخطاء، وبالتأكيد أن ليس من بين أخطائها، ما يحلو للبعض تسميته بـ «تكسير وسط بيروت» الذي ما يزال على حاله… ولكن الوضع اللبناني انتقل الى مكان آخر، مع مصاعب إضافية تشمل النزوح السوري بما يعادل نصف الشعب اللبناني! كما أن ما يتعرض له أهل غزة وأطفالها من إجرام قد يطال لبنان إذا ما قرر حزب الله فتح «الجبهة الشمالية». وما قد ينتظر لبنان قد يشبه نتائج حرب تموز بالخسائر البشرية وبالدمار الهائل، أو أكثر!
الموجة الثورية الثانية
يرغب الكثير من الناشطين العودة بعقارب الثورة 4 سنوات الى الوراء. ولكن ذلك غير ممكن. ولا يقف النضال على الموجة الثورية الأولى التي انطلقت في 17 تشرين 2019 وانتهت في 15 أيار 2022، لكنه يمكن أن يستمر بأشكال مختلفة، بانتظار موجة ثورية ثانية، لا بد آتية!
هل يتبع بايدن مسار كارتر وبوش للسلام؟
يتزامن نشر هذا المقال مع موعد وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل في زيارة لتأكيد دعمه الشخصي لإسرائيل في حربها ضد حماس، وكان من اللافت جداً ان بايدن قد استبق زيارته بتحذير إسرائيل من نتائج إعادة احتلال غزة، معتبراً أنها سترتكب بذلك خطأ كبيراً.
ترتدي الزيارة الرئاسية أهمية خاصة حيث انها لن تقتصر على زيارة إسرائيل والاجتماع بقياداتها، بل ستشمل زيارة عمان واجتماع بايدن مع الملك عبد الله الثاني مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بالإضافة إلى الرئيس محمود عباس، ويؤمل أن تنتج هذه المباحثات تفاهمات وسيكون لها مفاعيلها على مسار الحرب على غزة، وأن تفتح الباب أمام انطلاق مسامع سياسية من أجل تحريك مسار السلام العربي – الإسرائيلي، سواء في ما يعود لإيجاد حل لمشروع إقامة دولتين في فلسطين، أو في ما يعود لاستكمال مشروع تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، وبدءاً من المملكة العربية السعودية.
السؤال المُلحّ الذي لا بدّ من طرحه قبل بدء الزيارة الرئاسية الأميركية: هل ستؤدي الزيارة لإقناع القادة الإسرائيليين بتعديل مخططاتهم لإجلاء ما يزيد عن مليون فلسطيني من شمال غزة، تمهيداً لاقتحامها بهجوم بري كثيف، لا يمكن التكهن بنتائجه المدمرة سواء على الفلسطينيين أو على الجيش الإسرائيلي؟
بدا منذ اليوم الأول لهجوم حماس على مستعمرات غلاف غزة بأن القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل قد وضعت في رأس أولوياتها تنفيذ خطة لتدمير حماس، وقد سارعت واشنطن إلى إعلان دعمها الكامل للخطة الإسرائيلية، دون وضع أية ضوابط لحجم ومدى العمليات الهجومية البرية.
لكن يبدو أنه بعد زيارة وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن لإسرائيل وعدد من الدول العربية، وما سمعه من مواقف ونصائح في السعودية ومصر، والتي اطلع عليها الرئيس بايدن، وبعد تقييم موضوعي من قبل القيادات الأميركية لمخاطر الانزلاق نحو حرب اقليمية واسعة، فقد رأى الرئيس الأميركي بأنه قد لا تكفي قوة الردع الأميركية المتمثلة بحاملتي طائرات مع كل ما يرافقها من بوارج وغواصات نووية بلجم مخاطر توسيع النزاع، بدءاً من فتح جبهة لبنان واشتعال حرب واسعة بين إسرائيل وحزب الله، ولذلك قرر الحضور إلى المنطقة، في محاولة جادّة لاحتواء الوضع العسكري، مع فتح الباب بمسار سياسي يمكن أن يعالج في حال نجاحه الأزمة بالدفع نحو احياء محادثات السلام المتوقفة منذ سنوات عديدة.
إلى جانب إدراك الرئيس بايدن مخاطر توسيع الحرب والتهديدات التي سيمثلها ذلك على المصالح الأميركية الاستراتيجية في كامل منطقة الشرق الأوسط، فإنه يدرك بأن الحرب الجارية على غزة ستكون لها نتائج كارثية على كل المستويات الإنسانية والأخلاقية والاستراتيجية، مع إدراك أنه يمكن استثمارها من قبل الصين وروسيا لتأليب الرأي العام العربي ضد المصالح الأميركية في المنطقة ويمكن في هذه الحالة الربط بين ما يجري في غزة، والحرب في أوكرانيا والنزاع مع الصين في منطقة المحيطين الهادي والهندي.
من المتوقع دون شك، أن يعمد الرئيس بايدن بصورة شخصية ومباشرة إلى إقناع القادة الإسرائيليين بعدم المغالاة باستعمالهم قدراتهم العسكرية، والتقيّد بقواعد الحرب، وعدم توجيهها للاقتصاص من السكان المدنيين في غزة، وبالتالي أخذهم في جريرة تدمير حماس، والتي يدرك الإسرائيلي ان هدفه هذا لن يتحقق، وذلك انطلاقاً من كون حماس منظمة سياسية ايديولوجية، وليست فقط تنظيماً عسكرياً على غرار «داعش»، على ما يفترضه نتنياهو ووزير دفاعه.
يمكن للرئيس بايدن أن يذكّر قادة إسرائيل ان الصراع بينهم وبين حماس ليس بجديد، بل هو مستمر منذ استيلاء حماس على مقاليد الأمور في غزة عام 2006 بعد نجاحها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وبأن الحصار الدائم، والمواجهات المسلحة التي حدثت في سنوات 2008 و2014، ومجدداً في عام 2021، حيث قصفت إسرائيل المناطق الآهلة بعنف ووحشية، وبالتالي دمرت البنى التحتية الأساسية وقتلت آلاف المواطنين، فإن كل ذلك لم يفتّ من عضو حماس، أو يؤثر في استمرار سيطرتها على القطاع أو تنامي قدراتها العسكرية، والتي تجلت في المفاجأة العسكرية الكبرى والخسائر المفجعة التي تكبّدتها إسرائيل في مستعمراتها في غلاف غزة يوم 7 تشرين الأول الماضي، لقد أثبت الهجوم الأخير ان كل فرضيات الأمن الإسرائيلي بأن عقاب حماس بقسوة فائقة سيحقق الأمن لإسرائيل قد سقطت وبأنها لم تكن سوى عبارة عن وهم وعن مغامرة إسرائيلية عابرة.
أعتقد اليمين الإسرائيلي المتمثل بحكومته الراهنة بأنه قد سبق ان لقنّ حماس دروساً قاسية، وبما يسمح له للاهتمام بقضايا توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وبدء الضغوط الأمنية من أجل التحضير لضم الضفة الغربية، والسيطرة على المقدسات في القدس، ودفعت هذه المخاطر الجديدة حماس للذهاب في استراتيجيتها باتجاه إيران، وهذا ما أكدته ردود فعل حماس في اكثر من محطة/ وخصوصاً عام 2021، عندما بدأوا بقصف إسرائيل بعمليات كبيرة من الصواريخ، كرد مباشر على الضغوط التي مارستها قوات الأمن الإسرائيلية في القدس، واحتلالها لمنازل الفلسطينيين في المدينة المقدسة، بالإضافة عن الحديث عن هدم المسجد الأقصى وإعادة بناء الهيكل مكانه.
من المؤكد ان التأكيدات الأميركية من التقدم المتسارع على مسار محادثات التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية قد شكّلت دافعاً لحماس للتحرك عسكرياً، وبتشجيع من إيران، في محاولة لتخريب هذه المحادثات وإعادة خلط الأوراق على الصعيدين العربي والدولي، صحيح بأن واشنطن قد قالت بعدم وجود علاقة مباشرة لإيران بهجوم حماس الأخير، ولكن يبدو جلياً بأن قدرات حماس القتالية والصاروخية تثبت بما لا يقبل الشك بأن إيران قد زادت في السنتين الماضيتين مساعدتها المالية لحماس، مع حثّها على تطوير قدراتها العسكرية وزيادة حجم قوتها الصاروخية وتحسين أدائها.
في ظل المسار الدراماتيكي للحرب الراهنة على غزة، لا بد أن تدرك الولايات المتحدة ومعها قادة إسرائيل بأنه لا يمكن القبول بارتكاب «نكبة» جديدة بحق الفلسطينيين، من خلال دفع 300 ألف جندي إسرائيلي إلى داخل غزة لتهجير الأهالي باتجاه سيناء فالدول العربية والمجتمع الدولي هم المسؤولون عن منع ارتكاب جريمة كبرى جديدة بحق الشعب الفلسطيني. ان الاعتقاد الأميركي والدعوة لفتح ممرات آمنة لخروج المدنيين من المناطق التي ستكون مسرحاً للعمليات، وباتجاه سيناء سيشكّل خطاً كبيراً ترتكبه إدارة بايدن، والتي عليها أن تدرك بأن الحكومة الإسرائيلية اليمينية ستحاول تكرار ذلك في القدس وفي الضفة الغربية.
في رأينا لن تكون مرحلة الهجوم البري، في حال حصوله، خالية من المخاطر والمفاجآت، من المفترض لا بل الأكيد بأن حماس قد توقعت قبل هجومها الأخير قيام إسرائيل بالهجوم برياً على القطاع، وقد اتخذت الاجراءات لمواجهة هذا الهجوم بفعالية وضراوة، من أجل إنزال أكبر قدر من الخسائر في صفوف القوات الغازية. ولا يمكن لإسرائيل تجاهل عنصر القوة الذي تمتلكه حماس في هذه المواجهة والمتمثل بالرهائن الإسرائيليين والأجانب لديها، بالإضافة إلى ذلك لا يمكن للمعركة البرية أن تكون سريعة، وأن الوقت لن يكون لصالح إسرائيل سواء لجهة الانزلاق إلى حرب مع حزب الله على الجبهة اللبنانية أو لجهة إثارة سخط الرأي العام العربي والدولي من أخبار الدمار والقتل الجماعي الواردة في جبهة القتال.
يبقى السيناريو الأسوأ بالنسبة لإسرائيل وللولايات المتحدة أن تطول فترة الحرب، وبما يفتح الباب لتوسيعها إلى الجبهة اللبنانية، حيث ستتغيّر كل الحسابات والنتائج على المستويين العسكري والسياسي، بالإضافة فأن حدوث هذه التطورات سيؤجج الوضع الفلسطيني برمّته، وبحيث يمكن توقع انتقال المواجهات مع الفلسطينيين إلى الضفة الغربية، وان السلطة ستكون عاجزة على ضبط الوضع هناك.
وان توسيع الحرب إلى الضفة وإلى الجبهة الشمالية سيفتح الباب لإمكانية تمددها لتشمل إيران، الأمر الذي قد يتطلب تدخّلاً أميركياً، في وقت تبدو إدارة بايدن غير راضية في مثل هكذا مواجهة، لأنها ستعني خوض حرب طويلة ومكلفة جداً.
أظهرت إدارة بايدن ما يكفي من الاستعدادات لدعم إسرائيل ضد حماس، ولكن لا بد الآن الاستفادة من زيارة بايدن لإسرائيل والمنطقة من أجل وضع حد للحرب، مع إمكانية الاستفادة من قمة القاهرة للسلام والقمة الخليجية في مسقط لإطلاق مبادرة سلام جديدة، متبعاً مسار الذي سبقه إليه جيمي كارتر وجورج بوش الأب للاستفادة من التطورات العسكرية لفتح مسار السلام في كامب ديفيد وفي مؤتمر مدريد للسلام.