إزاء كل ما آلت إليه الأوضاع المعيشية من تدهور خطر بدأ يظهر يومياً من خلال طوابير السيارات أمام محطات الوقود، أو أمام المحلات التجارية بحثاً عن سلع غذائية مدعومة، أو أمام الصيدليات بحثاً عن دواء مفقود، بدأت مجموعات في «حراك 17 تشرين» تتحضر من جديد، استعداداً للعودة إلى الشارع، على أن يتم تحديد ساعة الصفر لدى الإعلان عن قرار رفع الدعم الذي بات موعده وشيكاً، في ظل المعلومات عن تلاشي احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية في الأسابيع القليلة المقبلة.
وبانتظار سيناريو رفع الدعم المنتظر، فإن المساعي التي انطلقت، كما تقول مصادر مطلعة على كواليس الإجتماعات الجارية، تركّز كلها على الذهاب إلى التحرّك النوعي هذه المرة، بالإضافة إلى التحرّك الشعبي الذي كانت بدايته في 17 تشرين 2019، حيث يتناول التنسيق الجاري تحديد آليات لإعادة تحشيد الجهود، وإعداد خارطة طريق تكون كبرنامج واضح ومحدّد الأهداف للحركة المقبلة. وأوضحت هذه المصادر، أن اللوحة التي سترتسم في الشارع قريباً، ستكون مشابهة للوحة 17 تشرين والأسابيع الذي تلته من حيث المشاركة الشعبية الكثيفة، وإنما سيترافق ذلك مع تحديد أطر خاصة بالحركة الإعتراضية تؤدي إلى توظيفها في برامج إنقاذية ترتكز على سلسلة تدابير من أجل تحقيق المصلحة العامة للمنتفضين، ولكل اللبنانيين من دون استثناء، وذلك، بشكل منعزل عن كل الكلام والعناوين والشعارات الطائفية والمذهبية التي أدّت إلى انقسام بعض المجموعات عن حراك السابع عشر من تشرين في مراحل سابقة.
وبالتالي، فإن الإعتراض لن يقتصر على التظاهرات والإعتصامات في الشارع، تقول المصادر، بل سيتخطى ذلك إلى تحديد برنامج للتعاون على مستوى النقابات جميعها، بالإضافة إلى الإتحادات والمجموعات التي تكوّنت على مدى العام الماضي، وذلك للوصول إلى تشكيل جبهة تضم شرائح المجتمع المدني كافة، إلى شخصيات سياسية من بينها النواب المستقيلين من المجلس النيابي. وأضافت المصادر، أن عنوانين كبيرين يظلّلان هذه الحركة، الأول يتمحور على التغيير من خلال الإنتخابات النيابية المبكرة، والثاني يتناول عملية إعداد برنامج الخطط الإنقاذية التي تشمل كل المستويات، بدءًا من الحَوكَمة المتركّزة على المصلحة الوطنية العامة لكل اللبنانيين، وصولاً إلى الضغط من خلال الشارع، كما من خلال المؤسّسات الدستورية لإنتاج التغيير المنشود، بعيداً عن كل التجاذبات التي تعاني منها بعض المجموعات في ما بينها على أثر التدخلات السياسية، ومساعي البعض من أجل استيعاب مجموعات محدّدة، وتحويلها إلى «حصان طروادة» داخل الحراك المدني، وبالتالي، خرقه وإحباط كل أهدافه، وضرب آليات العمل التغييرية الجارية التي يجري العمل على تنفيذها من خلال حركة الإجتماعات المكثّفة، والمشاورات التي لا تزال إلى اليوم بعيدة عن الإعلام بانتظار ساعة الصفر.
وشدّدت هذه المصادر، على أن كل مكوّنات «حراك 17 تشرين» سوف تجتمع تحت عنوان «التحرّك المرتقب»، على أن تحمل الخطوات التي ما زال إنجازها غير مكتمل، صياغة برامج سياسية واقتصادية تؤدي إلى التغيير العميق والجدّي الذي دعا إليه كل لبنان ونزل إلى الشارع منذ 17 تشرين 2019، على أن يكتمل مشهد القيادة هذه المرة، من خلال مجلس يضم ممثلين عن كل المجموعات التي تتّفق على البرنامج المطروح. وأوضحت المصادر، أن المجموعات التي قد تعترض على هذه الخطط، سوف يتم التواصل معها من أجل الوصول إلى قواسم مشتركة، تسمح بعدم ابتعاد أي مكوّن من الحراك الشعبي.