طفت خلال الأيّام القليلة الماضية عبر وسائل الإعلام معلومات تتعلّق بحظر فرضته حركة «حماس» على حركة «الصابرين» في غزّة ووقف أنشطتها بناء على مطالبات أهالي القطاع الذين ضاقوا ذرعاً بممارسات عناصرها وأنشطتهم التي وصلت بحسب المعلومات إلى حد التجوال بسيّاراتهم ليلاً وبث أغانٍ عبر مُكبّرات الصوت يحمل بعضها طابعاً مذهبيّاً واستفزازيّاً.
قطاع غزّة، هدف جديد للتمدد الإيراني الفارسي في قلب الوطن العربي بعد عقود من الاستغلال بأشكال مُتعدّدة للقضيّة الفلسطينية، وهذه المرّة يأتي التمدّد عبر زرع فصيل مُسلّح ذي أبعاد مذهبيّة تحت مُسمّى حركة «الصابرين» يتألّف من مجموعة عناصر اعتنقت المذهب الشيعي على الطريقة الفارسية ويرأسها شخص يُدعى هشام سالم كان اعتنق المذهب نفسه بعد انشقاقه عن حركة «الجهاد الإسلامي» في العام 2000 وتخرّج من حوزات إيران الدينية بعدما كان يعمل في مهنة التدريس في معاهد ومدارس غزّة الحكوميّة.
كعادتها لا تترك إيران فرصة إلاّ وتستغلّها لتمدد نفوذها العسكري ومعتقدها الديني والمذهبي في الوطن العربي، تماماً كما هو الحال الذي أرسته مع جماعاتها في سوريا و»الحشد الشعبي» في العراق و»الحوثيين» في اليمن من دون إغفال لبنان الذي زرعت فيه «حزب الله» أولى بذور ثورتها في بداية الثمانينات والذي تحوّل لاحقاً إلى ذراعها العسكري في المنطقة.
مصادر فلسطينية في لبنان معنيّة بالعمل المُقاوم والسياسي في غزّة، تشرح عبر «المستقبل» المُخطّط الإيراني الذي ساهم في نشوء هذه الحركة بالإضافة إلى الأسباب حملت أهالي «القطاع» على رفضها ضمن مجتمعهم.
في البداية، تؤكّد المصادر أن «إيران قد استغلّت على مدى الاعوام السابقة الوضع المأسوي لقطاع غزّة في ظل الحصار الإسرائيلي المتنوّع الأشكال المفروض على أهلها، فقامت منذ سنوات غير بعيدة بتأسيس عدد من الجمعيّات تحت ستار العمل الخيري كبداية للتوسّع والتغلغل داخل المُجتمع «الغزّاوي»، ومن هذه الجمعيّات حركة «الصابرين» التي تحوّل عناصرها إلى مُبشّرين دينيين عملهم الوحيد نشر التشيّع والتركيز على أحاديث مُختلقة لا تمت الى الواقع الإسلامي بصلة»، كاشفة أن «عناصر «الصابرين» كانوا ينتمون سابقاً إلى حركة «الجهاد الإسلامي» التي أوقفت إيران دعمها المادي عنها في الفترة الأخيرة، وهذا ما ظهر بشكل واضح من خلال تغيّب أمين عام حركة «الجهاد» رمضان شلّح عن الإفطار الذي أقامه «الحرس الثوري الإيراني» في الضاحية الجنوبية منذ اسبوع تقريباً مُكتفياً بإيفاد مُمثّل عنه».
أجواء سلبيّة واستفزازيّة تُشيّعها عناصر «الصابرين» في قطاع غزّة بشكل يومي والتي ازدادت حدّتها خلال شهر رمضان الحالي. تُشير المصادر إلى أن «إقامة مجالس العزاء داخل العديد من مناطق وأحياء غزّة، أصبح يتخلّلها رفع شعارات ويافطات مذهبيّة وهو ما شكّل تحديّاً واستفزازاً للأهالي خصوصاً وان جميع هذه التحرّكات تترافق مع سيّارات جوّالة في «القطاع» تبث عبر مُكبّرات الصوت أناشيد ثوريّة ودينية تحمل طابعاً مذهبيّاً وتُمجّد شخصيّات منها المرشد الخامنئي والسيد حسن نصرالله«.
وعن علاقتها بـ»حزب الله» ومدى التعاون والترابط بينهما والأهداف التي يلتقيان حولها، تجزم المصادر بأن «هناك علاقة عضوية تربط بين «الصابرين» والحزب، فبالإضافة إلى رفع العلم او الشعار ذاته والذي هو عبارة عن يد تمتد إلى أعلى مُمتشقة للبندقيّة مع استبدال عبارة «فإن حزب الله هم الغالبون» بـ»إن الله مع الصابرين»، يوجد أيضاً تطابق داخلي بينهما في المُعتقد والتبعيّة والأهداف، وهذا ما جعل أهالي غزّة يُعبّرون عن ترحيبهم بقرار حظر أنشطة «الصابرين» الصادر عن كافة الأحزاب والفصائل داخل القطاع والتي رأت في نهجها المسار نفسه الذي سلكه «حزب الله» عند بداية نشأته في لبنان«.
«حصن» الذي هو اسم يختزل «حركة الصابرين نصراً لفلسطين»، لها مُمثّل شرعي يُقيم بشكل دائم في الضاحية الجنوبية يتم عبره التنسيق المادي والتوجيهات الفكرية والسياسية، وبحسب المصادر فإن «حزب الله» طلب من «الصابرين» خلال الفترة الحالية تثبيت تواجدها السياسي والعسكري بين «الغزّاويين» وهذا ما تبيّن سابقاً بعد أوّل ظهور علني لعناصرها بأسلحتهم الكاملة يوم تشييع أحد عناصرها الذي قضى بانفجار داخل مخزن للصواريخ تابع لها في مخيم جباليا وما يُستكمل اليوم من خلال عملها على إنشاء وسائل إعلام خاصة بها من مرئيّ ومكتوب ومسموع.
لم يكفّ «الأخطبوط» الإيراني المتمثل بحرسه «الثوري» منذ العام 1982 يوماً، عن السعي الى فرد أذرعه على المنطقة العربية بأسرها ضمن مُخطّط» يُعرف بـ»القضم البطيء»، ومن حلم ذات يوم بـ»الخليج الفارسي»، ها هو يُلقي بمصيدته داخل فلسطين مُستيعناً بأساليب الترغيب والترهيب كطعم لفريسته.
وتختم المصادر تأكيدها أن «يقظة الفلسطينيين وحذرهم، يجعلهم أكثر إدراكاً بأن «الصابرين» ليست سوى مدماك فارسي أوّلي لاختراق قطاعهم وجعله ورقة ضغط في وجه إسرائيل على غرار ما حصل في جنوب لبنان».