IMLebanon

من يدافع عن الدفاع المدني؟

عام 2000، اي قبل 15 عاما، إتصل بي أحد نواب البقاع الغربي وراشيا، يسألني عن شبان يقيمون في قراهم، ويبحثون عن عمل متواضع للتطوع في المديرية العامة للدفاع المدني التي قررت فتح مركز جديد للجهاز في بلدة صغبين. ولما سألته عن العلاقة بين التطوع والعمل المتواضع الذي عادة ما يكون مأجوراً، أجابني بأن ثمة قرارا بتثبيت المتطوعين مطلع سنة 2001، لذا يتم “حشو” الجهاز بالمزيد لضمان التوازن الطائفي. وقد أرسلت اليه شابين، حمداً لله أنهما لم يصمدا طويلا، بل قررا على عجل ان يغادرا كل الى وجهة محددة، ليعملا ويكسبا رزقيهما، بدل ان ينتظرا 15 سنة تثبيتا لم يأت الا على مستقبل اولئك المنتظرين وشبابهم، تماما كما هي حال المتطوعين الذين يعتصمون منذ ايام في ساحة الشهداء، من دون ان يجدوا آذانا صاغية الى مطالبهم وحاجاتهم. عندما تقع الكارثة، كل كارثة، يعلو الصراخ والعتب على عناصر الدفاع المدني لانهم تأخروا في الوصول، او لانهم لا يملكون العدة الكافية للقيام بواجباتهم. لا يجرؤ احد على السؤال عن ثمن تضحياتهم، ولا عن الامكانات الموضوعة في خدمتهم. نجح المتطوعون في نيسان 2014 في نزع قرار تثبيتهم من مجلس النواب. مراسيم المشروع جاهزة، والملف في درج وزارة الداخلية والبلديات، على ما يقولون، لكن التكلفة عالية لـ2400 متطوع، ولا مال حاليا. على رغم ذلك يأملون في وعد من وزير الداخلية نهاد المشنوق بحل خلال أسابيع. الاسابيع تعدّ ليس وفق الايام، بل وفق روزنامة مجلس الوزراء الذي يعقد جلسة كل ثلاثة اشهر.

بعيدا عن السياسة والملف الرئاسي، وحتى عن النفايات، يحتاج هؤلاء الشباب، الفقراء غالباً، الى جلسة خاصة بمجلس الوزراء للوقوف على حاجاتهم، تماما كما تسعى الحكومة الى توفير الضرورات للاجهزة الامنية الاخرى. والدفاع المدني أحد تلك الاجهزة، وهو الحاضر في الملمات والحروب والتفجيرات والحرائق والفيضانات. في كل هذه الظروف الصعبة، يطلب الى المتطوعين القيام بالواجب، فيما لا يقوم الذين تصرف لهم الرواتب المرتفعة في مجلس النواب ومجلس الوزراء بالحد الادنى من واجباتهم الوطنية حيال مواطنيهم، وحيال الاكثر فقراً تحديداً.

في هذا الزمن الميلادي، من الضروري التفتيش في زوايا الاقبية والازقة ودور الايتام والمسنين عن أناس يحتاجون الى دعم، بدل أن تصرف الاموال الطائلة لتصدير النفايات بمنافع لهذا او ذاك من المسؤولين، او تنفيذ مشاريع تفوح منها رائحة السمسرات التي تغلب على كل محاولات الحد منها بفتح ملفات امام التفتيش المالي سرعان ما يخفت وهجها بسبب التغطية السياسية التي تتوافر للمرتكبين، فيما يدفع الصغار والفقراء الاثمان وحدهم.