حين طالب بعض المفكرين العرب بتوضيح الرؤية للصورة الحقيقية للإسلام، واعتبار فئة منهم أنّ بعضاً من آياته محرّضة على القتل واللاسلم، ثارت الثائرة وأُخرجوا من الدين والعقيدة بل طالب البعض بإقامة حد الحرابة عليهم ، ذلك منذ عقدين من الزمن وأكثر .
على رغم أنّ الصورة النمطية الظاهرة للإسلام هي الصورة المتشددة بدءاً من الحركات التي وُسمت بالأصولية مروراً بـ»القاعدة» حتى ما نعايشه من «داعش» وجميعها ترسّخ الفكر الإرهابي العقائدي المنتمية للإسلام، والإسلام الحقيقي منها براء، فخطابها ليس فكرياً بل أفعال لا تمت إلى الأديان السماوية بصلة.
لن نستطع اليوم أن نقنع أجيالنا قبل الغرب بأي دينٍ ندين وبأي إسلام نطالب إعتناقه، ولست في موضع البحث عمن يقف وراء هذه الحركات او التنظيمات والأهداف التي من السهل أن نعلّق خيباتنا عليها ونحن نراها تنمو وتنمو من دون أن نحرّك ساكناً سوى الشجب والإدانة.
المؤتمرات الإسلامية التي عُقدت وتُعقد، لا تخرج ببيانات يعوّل عليها لبناء منهجية عمل تعترف بالقصور، وتعيد بناء الخطاب الإسلامي وما ينتج عنه من ندوات تعيد توضيح الجوانب الفكرية التي يستند لها الفكر الإرهابي مستنداً إلى نصوص نزلت لسبب ومناسبة في وقتٍ وزمانٍ مختلفين، ووجوب العمل على تصحيح الصورة في فهم المسلم للإسلام بأن المنتمين للفكر الإرهابي هم ينتمون لعقيدة إسلامية ولكنهم تعرضوا لتوجيه فكري استند إلى نصوص معروفة وليست جديدة، هنا نضع إصبعنا في عمق الجُرح لنستيقظ مما نحن فيه وما ندان به بأيدينا.
عدم تنظيم الفتاوى في العالم الإسلامي من خلال مشايخ يعتنقون الفكر التكفيري أوجد حالة من الشتات الذهني للمتلقي الصغير السن الذي اُستخدم أداة لتفعيل حراك باطنه غير ظاهره، فيما نجد غياب المشروع الإسلامي الحقيقي المنظم للمعتنقات الإسلامية والعقائدية والإرادة الفاعلة تجاه القضايا الإسلامية في كل المناطق الساخنة من معاناة المسلمين في كل المناطق التي لم تجد حلولاً ناجعةً أكثر من بيانات لا ترقى لمسؤولية حقيقية.
إنّ الصمت على ما يجري لن يحقق إلاّ مزيداً من التدميروالتشويه، ولعل الدول العربية الإسلامية تعيش أوضاعا ًغير مستقرة أمنياً وتنظيمياً، إلا أنّ الوضع الإسلامي يتطلب وقفة من العالم الإسلامي أجمع لعقد مؤتمر يقضي ببرنامج عمل موحد فيه الكثير من المصارحة أين هو الخلل وأين الحلقات المفقودة في منظومة العمل، على أن لايُكتفى ببيان ختامي أو توصيات. وأتمنى أن لايكون المؤتمر على مستوى وفود سياسية بقدر ما تكون وفود علماء ومفكرين يريدون الإصلاح فعلاً.