IMLebanon

من البحث عن رئيس  الى البحث عن مرشح !

لأن المجهول في طبخة الانتخاب الرئاسي يكون دائماً أكثر من المعلوم، يكثر التأويل والتحليل والاجتهاد في التفسير والفهم، وتظهر على السطح منظومة واسعة من الأفكار المتناقضة، وتكون النتيجة دفن الحقيقة تحت ركام المواقف والسجالات، وهي وقود السياسة في لبنان! ومن المعروف، وفقاً لسوابق الاستحقاق الرئاسي منذ الاستقلال والى يومنا هذا، ان قرار اختيار الرئيس هو شأن خارجي دولي اقليمي، والدور السيادي الوحيد الذي يمارسه النواب في البرلمان هو التصويت، واسقاط الاسم المختار في صندوق الاقتراع! ومعنى الشغور الرئاسي، هو انشغال هذا الخارج بأوضاع لها الأرجحية لديه، ويكون قدر لبنان هو الانتظار في الطابور الى أن يصله الدور!

الترشيح المفاجئ للنائب سليمان فرنجيه للرئاسة من قبل الرئيس سعد الحريري بالذات، أوحى للوهلة الأولى بأن ساعة الاستحقاق قد دقت! وهذا ما اقتنع به صاحب المبادرة الرئيس سعد الحريري وكذلك صاحب الحظ النائب فرنجيه! ولأن السوابق تشير دائماً الى الخارج، فمن حق المشككين والملدوغين سابقاً، الظن بأن فكرة هذا الترشيح هي نتاج عقل معقد ومركب من عدة طبقات، وله مواصفات كيسنجرية، ومن ابتكار أحد تلامذة ذلك الداهية ومدرسته التي تحمل اسمه! واذا كان الأمر كذلك، فهل المقصود الحقيقي هو اجراء الانتخاب الرئاسي فعلاً؟ أم كتابة فصل جديد من الشغور الرئاسي تحت عنوان خادع هو الانتخاب الرئاسي؟!

النتيجة الفورية الأولى لهذا الترشيح، كانت احداث شرخ من الصعب أن يندمل في المدى المنظور، في معسكري الانتخاب معاً: ١٤ آذار من جهة، و٨ آذار من جهة ثانية. والارباك المسيطر على القيادتين معاً هو ما يدفع بهما اليوم الى تمرير المرحلة بكثير من الحذر. وعلى الجانبين المشهد نفسه: بلبلة، ووضع رِجل في الفلاحة ورِجل في البور تحسباً من المفاجآت، وحفاظاً على خطوط الرجعة! وهذه الأجواء المترنحة تقود عملياً الى مناخ من الجدالات البيزنظية، ولكن تحت عناوين جديدة! وذلك يعني أن جعجعة الانتخاب لا تنتج طحناً، وان الشغور الرئاسي مستمر ولكن تحت عنوان الترشيح الرئاسي!

أهم ما يحدث اليوم بعد ترشيح النائب فرنجيه للرئاسة، هو شخصنة الاستحقاق الرئاسي، بحيث لم تعد القضية هي انتخاب رئيس للجمهورية، وانما أصبحت شخصنة الاستحقاق في الاتجاهين: اتجاه يقول بترشيح الهدف منه كسر العماد عون. واتجاه آخر يقول بأن العماد عون هو المرشح الأوحد للرئاسة!