سياسة تقرير
تتصرف معظم القوى السياسية في مرحلة ما بعد إتمام الاستحقاق النيابي، وكأن الاستحقاقات التالية المتمثلة في انتخاب رئيس مجلس نيابي وتكليف رئيس حكومة العهد الثانية، بمثابة تحصيل حاصل، فتصبح الأولوية كيفية مقاربة الاستحقاقات المقبلة من سياسية واقتصادية واجتماعية، إلا إذا برزت عثرات على طريق التأليف حول الحقائب وحجم التمثيل الوزاري وصولاً الى صياغة البيان الوزاري.
الإشارات الأولية لا تدعو إلى القلق، رغم التضارب الذي تكرر مرتين خلال أسبوع واحد بين رئيسي المجلس نبيه بري والحكومة سعد الحريري في ما يخصّ وزارة المال. العنصر الأبرز المستجد على طريق التأليف هو قرار قيادة «حزب الله» بعدم النأي بنفسها عن مجريات التأليف الحكومي. «زمن قبول حزب الله بحقائب هامشية والتضحية والهدايا والودائع انتهى لدى فريقنا السياسي»، حسب قيادي بارز في قوى 8 آذار، مؤكداً أن حزب الله «لن يتصرف في عملية تأليف الحكومة كما كان يتصرف في السابق، أي أن ما يتبقى من فتات يأخذه. هذه المرة، وخصوصاً في ضوء نتائج الانتخابات، صار الحزب مطالباً من جمهوره بحضور وازن وبحقائب أساسية، لتقديم نموذج جديد ومختلف ينسجم مع ما تعهد به الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في البرنامج الانتخابي لمرشحي الوفاء والمقاومة، وبما يوفر انخراط الحزب جدية بكل مفاصل البلد الادارية والخدماتية والإنمائية».
ويفصح القريبون من العهد عن انكباب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «على وضع مداميك لبناء دولة حقيقية عبر إعدام الدويلات ـــ المزارع، بالتوازي مع ورشة للحوار الوطني وبشراكة المجلس النيابي والحكومة الجديدين تتمحور حول الآتي:
لا مجال لإبقاء دستور الطائف معلقاً على واقع الشك واليقين في آن واحد، ولا بد من الذهاب سريعاً الى تطبيق اتفاق الطائف بكل مندرجاته. وإذا تبين أن هناك حاجة الى تطويره في بنود معينة، يجب أن يتم ذلك استناداً الى روحية الوفاق الوطني.
وضع استراتيجية دفاعية تنظم الدفاع عن الوطن وتحفظ سيادته وسلامة أراضيه، انطلاقاً من اقتناعات لبنانية لا مكان فيها على الاطلاق لإملاءات خارجية هي في الاساس مرفوضة من قبل سيد العهد إن وجدت.
تفعيل عمل المؤسسات الدستورية، لا سيما المجلس النيابي من خلال دوره الرقابي والتشريعي ليكون مساحة اللقاء الطبيعية، لا سيما حول الامور التي ستكون محور الحوار الوطني الذي سيدعى اليه وفق الصيغة المناسبة بعد نيل الحكومة الجديدة الثقة البرلمانية.
استكمال إصدار المراسيم التطبيقية للقوانين التي صدرت، وإقرار مشاريع واقتراحات قوانين جديدة، وتلك الموجودة في مجلس النواب ولم تُبتّ بعد، وهذا ما سيكون محل بحث دائم وتعاون مستمر مع رئيس مجلس النواب.
تحقيق النمو الاقتصادي عبر إقرار خطة اقتصادية شاملة تنقل الاقتصاد اللبناني من اقتصاد ريعي الى اقتصاد منتج.
تحديث إدارات الدولة وملء الشواغر، وتطبيق مبدأ الإنماء المتوازن واللامركزية الادارية.
التركيز على الجانب الاجتماعي، وفي مقدمه ضمان الشيخوخة.
في جعبة العهد، حسب القريبين منه، الكثير من المشاريع والخطط «التي من شأنها نقل لبنان من واقعه المأزوم اقتصادياً واجتماعياً الى نهج وسلوك مؤسساتي جديدين، بما يكفل وضع قطار الإصلاح ومحاربة الفساد على السكة».
يراهن العهد على وجود تقاطعات كثيرة بين هذه العناوين المطروحة من العهد وما كان السيد نصرالله قد طرحه من توجهات، عشية الانتخابات، بدءاً من شعارات الاصلاح ومكافحة الفساد وصولاً إلى بناء مؤسسات الدولة القوية، مروراً بالاستثمار على العلاقة الخاصة والعميقة بين عون ونصرالله لمصلحة نهج مختلف عمّا شهدناه منذ عقود طويلة من الزمن.