إنها السنة التي تبدأ بقوة عالمياً وعربياً وشظاياها ستصيب الداخل اللبناني على كلِّ المستويات، بدءاً بالمستوى السياسي. وهذه الشظايا ستكون من الحجم الكبير لأنَّ بعض سياسيي لبنان ربطوا أنفسهم بأوضاع الخارج، فأصبح كلُّ تطورٍ خارجيّ ينعكس بشكل أو بآخر على لبنان.
***
إنفجار الأزمة بين السعودية وإيران دفع كلَّ المحللين الداخليين إلى اعتبار أنَّ ما جرى ستكون له بشكل أو بآخر انعكاساته على الداخل اللبناني. يحاول كثيرون أن يفصلوا المسارات عن بعضها البعض، بمعنى إمكان فصل المسار اللبناني عن مسارات المنطقة والعالم، فهل يُوفَّقون؟
***
الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله سيُعاوَد في عين التينة برعاية الرئيس نبيه بري، مطلع الأسبوع المقبل. لو لم يكن هذا الحوار ضرورة لكان توقَّف منذ زمن بعيد، لكن الأطراف الثلاثة مدركون لأهميته ويعرفون أنَّ وظيفته هي فك الإشتباك الداخلي عند أي تطورات خارجية، وقد نجح هذا الحوار في مراحل سابقة وفي جلساته السابقة، في تفكيك أكثر من صاعق تفجير، وما قام به في السابق يُرجَّح أن يعاوده الأسبوع المقبل لجهة تفكيك الإحتقان.
أما العقدة الأكبر فهي جلسة السابع من هذا الشهر لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية، أي جلسة بعد غد الخميس، ومن شبه المؤكد ان هذه الجلسة ستنضم إلى سابقاتها لأنَّ التطورات بحاجةٍ إلى مزيد من الإنضاج.
***
إذاً نحن أمام مراوحةٍ شبه قاتلة، لكن الإستحقاقات لا تتوقَّف، سواء أكانت خارجية أم داخلية:
الولايات المتحدة الأميركية ستكون منهمكة بالمعارك الإنتخابية بين الجمهوريين والديمقراطيين.
فرنسا ستكون منهمكة بالمعارك الإنتخابية بين اليمين والإشتراكيين والصعود المضطرد للجبهة الوطنية المتطرِّفة.
الغرب عموماً، ومعه روسيا، سيكون منهمكاً في الإعداد لمفاوضات جنيف الخاصة بالأزمة السورية.
***
إذاً، كلُّ العالم لديه ملفاته، وكلُّ العالم لديه إنهماكاته، وهذه عيِّنة من الإنهماكات الأميركية والأوروبية، ولكن ماذا عن الإنهماكات الداخلية؟
كلُّ شيء في الداخل بحاجةٍ إلى نفضة، إذا صحَّ التعبير.
فرئاسة الجمهورية عالقة على خطوط التماس الإقليمية والدولية.
السلطة التنفيذية عالقة في حكومة لا تحكم وفي صعوبة انكفائها إلى حد إستحالة الإستقالة. إنَّ سقف ما يمكن القيام به هو تفعيل عمل الحكومة، سواء كانت فعَّالة أم غير فعَّالة، فهي قدَر اللبنانيين إذ لا يمكن الحديث عن سلطة تنفيذية من دونها.
***
وهناك استحقاق في غاية الأهمية في الربيع المقبل، وتحديداً في أيار، وهو استحقاق الإنتخابات البلدية والإختيارية. بلديات لبنان في معظمها، في وضعٍ يُرثى له، فهناك بلديات منحلَّة وهناك بلديات منقسمة على ذاتها وهناك بلديات تدبُّ الخلافات بين أعضائها، وفي مقابل هذا الوضع غير الصحي هناك مسؤوليات ملقاة على عاتق البلديات من جراء أزمة النفايات.
***
إذاً، إستحقاقات تبدأ بإستراتيجيات العالم وتنتهي بنفايات لبنان، فمن أين نبدأ؟