لا يخفى على العارفين في الشأن السياسي ان الكثير من الضغوط تمارس على الرابية ليس حباً بها او لتلبية مطالبها ، إنما لإعادة انتظام عمل مجلس الوزراء وفتح ابواب مجلس النواب، ولكن اللافت ان هذه الضغوط لا تعطي الرابية جزءاً اساسياً من حقوقها او ما تستحقه تمثيلياً ، فالرابية التي طعنت حربة الرئاسة والتمديد للمجلس النيابي وبسكين التمديد للأمنيين الذي اعاد قائد الجيش جان قهوجي على رأس المؤسسة العسكرية بدلاً من مرشح الرابية، ومع دخول تسريح العميد شامل روكز مرحلة العد العكسي بعد نحو شهر من اليوم تتعرض للانتقاد وتنهال عليها العروض من كل الجهات ولكن هذه العروض على ما يبدو في تقدير اوساط سياسية مطلعة «لا تطعم خبزاً» ولا تتخطى كونها افخاخاً تنصب للرابية للالهاء والقبول بها او لتمرير الوقت وهي في مجملها عروض ملغومة ومفخخة ، فليس هناك صيغة واضحة المعالم في شأن تسوية يحكى انه متفق عليها بين القوى السياسية ، فتيار المستقبل يرفض اي تسوية في هذا الشأن تحت عنوان عدم المس بهيكلية الجيش كما يرفض القبول بترقية الضباط وجل ما يمكن ان يُقبل هو بقاء روكز في المؤسسة العسكرية ، في حين ان بري لا يرفض التسوية لأنه يريد اعادة فتح ابواب المجلس النيابي ، فيما حلفاء عون مستعدون للقبول بما يرضي الرابية فان ميشال عون يحسبها مرتين ، فتمديد خدمة روكز يعني اعطاء شرعية للتمديد لقائد الجيش ولرئيس الاركان وعليه ترفض الرابية الموافقة على اقتراح الترقية ما لم يكن مصحوباً باجتماع لمجلس الوزراء لملء الشغور في المجلس العسكري ، في حين يلتزم قائد المغاوير الصمت ويرفض زج اسمه في التسويات المطروحة وعلى اطباق السياسيين ولكن روكز في تقدير العارفين يمكن ان يسير في الموضوع ويوافق ما اذا كان الترفيع مصحوباً بمهمة او منصب قيادي وعسكري .
وعليه تقول الاوساط ان العروض لا تتسم بالجدية بعد وبالدقة ولا تزال تثير عاصفة وموجة من الغموض ، وثمة رأيين في شأن التسوية المروج لها ، رأي رافض للتمديد الذي يؤثر على معنويات وهيبة الجيش ويثير تحفظات كثيرة لأن هناك عدداً كبيراً من العمداء الذين يستحقون الترقية والترفيع ، وبالتالي فان الهدف من الاقتراح هو فقط عزل عون وضربه في بيئته وتشويه علاقته بالمؤسسة العسكرية بعدما جرت محاولات مماثلة في التظاهرات، فيما يرى المؤيدون ان الترقية الى رتبة لواء تأتي في السياق القانوني بخلاف خطوة التمديد لقائد الجيش ورئيس الاركان، فيما يبدو ان موقف قيادة الجيش رافض لأي خطوة تكبد المؤسسة العسكرية الخسائر المالية وتكسب عون في السياسة ما خسره في الجولات الماضية .
من هنا فان الرابية تحاول التقاط انفاسها بعد الذي اصابها ، ويسعى عون مع حلفائه لاحداث تحولات في ملفات اساسية بعدما ثبتت قدرته على تعطيل مجلس الوزراء ومجلس النواب، ويحاول عون ان يرد الصاع صاعين لمن حاول تهميشه ورفض الشركة معه. والواضح ايضاً ان حزب الله يعمل على تهدئة عون ومجاراته بالوقوف الى جانب مطالبه وان كان لا يرغب بتدمير البيت الحكومي واسقاطه فوق رؤوس الجميع في هذا التوقيت بالذات .
وبحسب الاوساط فان الرابية بدأت بعد سلسلة النكسات والخيبات التي اصابتها باستعادة زمام المبادرة واللعبة بعد الحشر السياسي الذي مارسته مع حلفائها ، وبالعودة الى ما قبل انتفاضة 22 آب والجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء كانت دفة الربح تميل الى اخصام عون، ففي ميزان الربح والخسارة السابق كان لا حاجة لاثنان لتبيان ان كفة الميزان الرابحة تميل الى الفريق الذي فتح حرباً كونية على الرابية في معركة التمديد والتي خرج منها بنتيجة ثلاثة بواحد فيما خرج عون بنتيجة صفر آخر يضاف الى صفر معركة الرئاسة المفتوحة على خلاف سياسي وجدال محلي وربط واضح بالملف الاقليمي منذ نحو عام ونصف، ولا حاجة ايضاً في ما مضى للاستناد الى آلات لمقاييس النتائج لمعرفة ان تيار المستقبل الذي قاد المعركة بدعم مباشر من السعودية ويسانده اخصام عون وكارهوه في الداخل من المختارة الى بكفيا الى عمشيت والمصيطبة واليرزة هم الذين تآمروا لضرب عون واسقاطه بالضربة القاضية وحشره بالزاوية وتحجيمه لمنعه من ان يكون لاعباً في الاستحقاقات حتى لو كانت الاستحقاقات مسيحية ومن حقه الشرعي كونه يمثل الشريحة المسيحية الكبرى في المؤسسات وعلى المستوى الشعبي ايضاً. ومعروف كيف جرى استدراج عون الى الحوار وتقديم العروض والمبادرات المزيفة امامه والى لعبة تقطيع الوقت، فيما ما كتب قد كتب في استحقاق التمديد للامنيين والذي رسم من سيناريوهات منذ جولة وزير الدفاع الى الرابية والتي تصفها الرابية بانها كانت المناورة الكبرى لرفع العتب واللوم فيما بعد عن مقبل ولغسل يديه من فضيحة التمديد ولوثته .
على ان التيار الذي يرى ان المؤامرة تم حبكها بدقة لامتناهية من الرعاة الإقليميين ومن الافرقاء في الداخل وعلى رأسهم المستقبل الذي ينفذ اجندة إقليمية بالتواطوء بين الرئيس السابق ميشال سليمان ووزير الدفاع والنائب وليد جنبلاط وبسكوت مشبوه وملتبس من عين التينة يدرك ان هؤلاء الاطراف ومعهم كل 14 آذار يضحكون بالسر على ما اصاب الرابية من التمديد ولانتكاسة عون مرة جديد ضد قرارات التمديد اللاشرعية واللاميثاقية، وبدون شك فان تكتل الاصلاح والتغيير في صدد اعادة تصويب البوصلة بالتضامن مع حلفائه وحدد مسار المواجهة المقبلة و«رد الصاع صاعين» لمن كبله واصابه اصابات مباشرة في معركة التمديد ، متكلاً على قرار استراتيجي من حارة حريك بان الرابية ممر الزامي لاي استحقاق .