IMLebanon

الكفاءة بالولاء  

 

للرئيس المؤسس لحزب الكتائب اللبنانية المرحوم الشيخ بيار الجميل كلامٌ مأثور ما انفك يردده باستمرار وهو: “الإدارة في يد المسؤول كالإزميل في يد النحّات”. ويُضيف ما معناه إذا كان الإزميل جيداً، جاءت المنحوتة رائعة والعكس صحيح. وبالفعل كان المدراء في الإدارات والدوائر اللبنانية الرسمية هم سند القرارات والعاملون على حسن إعدادها وصياغتها، ولاحقاً هم العاملون على تنفيذها.

 

أما بدعة حكومات التكنوقراط فهي غير معقولة وحتى غير معتمدة في بلدان العالم لأن المدراء ورؤساء المصالح والدوائر هم المفترض فيهم أن يكونوا ذوي الخبرة كلٌ في نطاق إدارته. وأما الوزراء فهم سياسيون في الضرورة، أو هكذا يجب أن يكونوا.

 

من هنا نرى أن دولاً عدة مصنفة عالماً أول تسند الحقائب الوزارية إلى سياسيين وليس إلى تكنوقراط… ولبنان لا يتفرّد في أن تكون وزيرة دفاعه سيدة بعيدة عن الممارسة أو الإلمام بالشؤون العسكرية عموماً والدفاعية تحديداً. إذ إن لها غير نظيرة في أوروبا وسواها سابقاً وحالياً.

 

ولقد درجنا في هذه الحكومة وسابقاتها على تعيين طبيب وزيراً للصحة. وهي مناسبة لننوه بدور الوزير الحالي الطبيب محمد حسن الذي نجح خصوصاً في التعامل مع وباء فيروس كوفيد-19. ولكن ليس بالضرورة أن يكون وزير الصحة طبيباً، فهو في موقعه لا ليطبب المرضى بنفسه بل ليضع نظاماً صحياً لا يحتاج إنجازه إلى طبيب، إنما إلى شخصية متمرّسة في الإدارة والتنظيم والاجتماع.

 

نورد ما تقدّم من ملاحظة بعدما تصاعدت الشكوى، أخيراً، من وزراء في الحكومة جيءَ بهم على أساس أنهم تكنوقراط. فالبعض يُشكك في صحة تكنوقراطيتهم، والبعض الآخر من المنتقدين يُشكك في قدراتهم.

 

في المطلق، هناك مآخذ، وكثيرة، على عمل الإدارات والدوائر الرسمية لأن التعيينات القيادية فيها، وهي التي تُـمسك بمفاصل العمل، إنما تتم عموماً على قاعدة المحسوبيات والولاءات والقرب من المسؤول أو الزعيم… صحيح أن هذا ليس جديداً في الإدارة اللبنانية، إلا أنهم كانوا، في الزمن الجميل، يأتون بأفضل مَا عندهم من بضاعة. أما اليوم، ومنذ عقود، فالتعيين يتم على قاعدة “أمرك سيدنا”.

 

كان الرئيس المرحوم كميل شمعون “يَنقُز” من المطالبة بحكومات التكنوقراط. وفي السبعينات، عُينت حكومة قيل إن معظم وزرائها من التكنوقراط. حبكت مع شمعون فقال: “تكنوقراط؟ عندما كنا نعرف بالقراطة وين كانوا هالقرطة”؟