يعيش الأستاذ المتعاقد في التعليم الرسمي هذه الفترة قلقاً مستمراً جراء عدم الحصول على مستحقاته بسبب احتساب ساعات عقده السنوي فقط، والخوف بالتالي على المصير الضائع خصوصاً وأنه لا يملك سوى هذه الساعات لكي يعتاش منها.
فبعد ستة أشهر على انطلاق العام الدراسي لم تصرف المستحقات بعد، وبعدما كان متعاقدو التعليم المهني يحصلون مستحقاتهم مرة واحدة في السنة، صدر قرار عن المديرة العامة للتعليم المهني والتقني هنادي بري بصرف مستحقات المتعاقدين مرتين في السنة، إلا أنهم حتى اليوم لم يقبضوا أي دفعة، مع العلم أنّ العام الدراسي الحالي (2019 -2020) كان بمثابة كارثة على المتعاقدين في التعليم الرسمي. ففي بداية العام اندلعت “الثورة” واضطر الأساتذة إلى ملازمة منازلهم أياماً طويلة بسبب إقفال الطرقات. ثم حلّت أزمة وباء “كورونا” والتعطيل القسري الحاصل الذي ما زال إلى اليوم، وأمام غياب الرؤية الواضحة لدى وزير التربية حيال مصير العام الدراسي فإن مصير الأساتذة المتعاقدين بات في مهب الريح.
خطوات وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب والمعنيين في الوزارة باعتماد التعليم الإلكتروني في فترة التعطيل “الكوروني”، يرى فيها أغلبية الأساتذة كما الطلاب خطوات غير ناجعة وهي محاولة من الوزير للمكابرة والهروب إلى الأمام لا أكثر. إذ كيف لطالب أن يتعلّم وهو في أسوأ الظروف النفسية والإجتماعية؟ ومن أين لأهله تأمين الإنترنت؟ علماً أن شبكة الإنترنت تعاني عالمياً من ضغط كبير في هذه الفترة، ما أدى بالكثير من الدول ومنها لبنان إلى تخفيف سرعة الإنترنت لتخفيض الإستهلاك. كما إنهم يرون بإصرار وزير التربية على ابقاء الإمتحانات الرسمية في مواعيدها ضرباً من المكابرة. فأي امتحانات ستحصل في هذه الظروف؟ وكيف ستتعامل الوزارة مع التجمعات في حال استمر انتشار الوباء حتى حينه؟ كلها أسئلة يضعها المعلمون كما الطلاب والأهالي برسم وزارة التربية التي يجدونها اليوم في عهد الوزير طارق المجذوب “تتخبط بقراراتها وليس لديها الرؤية الواضحة وكأنها في كوكب آخر ولا تدري ما يحصل”.
وتؤكد الوزارة أنها ستحتسب فقط ساعات التدريس عن بُعد للأساتذة وحيث يطبق هذا النظام على ساعات صفوف الشهادات (النظري)، وبالتالي ثمة عدد كبير من الأساتذة من الذين لا يدرّسون صفوف الشهادات وغير مشمولين بهذه الآلية ولذا لن تحتسب لهم أي ساعات تعليم. رئيس لجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم التقني والمهني الأستاذ وليد نمير قال في حديث إلى “نداء الوطن”: “نحن في التعليم المهني منذ 6 أشهر لم نقبض مستحقاتنا وأوضاعنا الإجتماعية سيئة للغاية. لدينا الآن مطلب من الحكومة وهو الإسراع بمرسوم احتساب ساعات العقد السنوي بالكامل وليس كما يحكى عن 70 % من قيمة العقد أو غيره، علماً أن الأموال مرصودة لهذا الأمر”. أضاف: “لقد طلبنا من الوزير موعداً لشرح الظلم اللاحق بنا فلم يأت الرد، حتى أنه لا يرد على هاتفه”.
وعن التعليم عن بُعد، أشار نمير إلى أنه “من الصعب تنفيذه في التعليم المهني لأن هناك أساتذة يدرّسون في المصانع والمختبرات والمطابخ والمستشفيات للمواد العملية وهذا يستحيل تطبيقه عن بُعد”. كما دعا نمير وزير الشؤون الإجتماعية “لتسجيل كل أساتذة التعاقد الرسمي في لبنان ضمن الأسر الأكثر فقراً لأنهم فعلاً من الأكثر فقراً في لبنان ولكنهم متعففون وأوضاعهم كارثية”.
عضو لجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي الأستاذ خالد عبد الرحمن عيسى شدد من جهته في حديث إلى “نداء الوطن” على “ضرورة احتساب العقد كاملاً من دون قيد أو شرط”. وقال: “في الأصل أموالنا فقدت الكثير من قيمتها الشرائية بسبب غلاء الأسعار وارتفاع سعر الدولار. فالأستاذ يحصّل سنوياً 10 ملايين ليرة، وبالتالي هذا المبلغ لم يعد يكفيه لثلاثة أشهر بسبب الغلاء الفاحش”. وتوجّه إلى الحكومة ووزير التربية بالدعوة “للتعاطي مع الأمر على قاعدة أنها حقوق وليست منة من أحد وأن العطلة جاءت قسرية ونحن لم نعطّل من تلقاء أنفسنا”.
ورأى أنّ “التعليم عن بُعد أمام الوضع الذي نحن فيه لا يجدي نفعاً. هناك معلمون لا يملكون ثمن تشريج الهاتف وكذلك الطلاب، فهذا الأمر بحاجة إلى تجهيز في فترات سابقة واستعدادات مسبقة حتى يحصل بالشكل الصحيح ويؤدي النتيجة المطلوبة منه، هذا مع عدم إغفال الأوضاع الصعبة التي نحن فيها. البلاد أمام كارثة ولا ضير من تأجيل الإمتحانات الرسمية حتى تخرج البلاد من هذه المحنة وذلك أسوة بالعديد من الدول”.