في وقت خفت نسبيا حدة الترقب والقلق لدى اللبنانيين، حول الرد المتوقع لحزب الله وتداعياته ان قررت “اسرائيل” الرد بدورها، لم يلغ وضعية الانتظار الثقيل لما ستؤول اليه تطورات الاوضاع في لبنان والمنطقة بعد الرد، الذي برر الامين العام حسن نصرالله تأخره بالعقاب لـ “اسرائيل”، وكيف سيكون شكله وطبيعته وتوقيته، ورد الفعل “الاسرائيلي” عليه، وما اذا كان سيشعل المنطقة، ام يأتي “مؤطرا” ضمن صفقة تسوية تفضي اليها المفاوضات الجارية في السر والعلن، يقودها من جهة ديبلوماسيون، ومن اخرى اجهزة مخابرات.
ففي موازاة الحركة الديبلوماسية الرسمية المعلنة التي يقودها على خطين: الاول رئيس حكومة تصريف الاعمال، والثاني نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، خصوصا مع الجانب الاميركي، وتحديدا الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين، تنشط قنوات اتصال جانبية مباشرة مع حارة حريك، تتولاها اجهزة استخبارات غربية، في مقدمتها المانيا وفرنسا، كما تلعب المخابرات العامة المصرية دورا، وان كان بدرجة اقل، وفقا لمصادر مطلعة.
واشارت المصادر الى ان نائب رئيس المخابرات الالمانية لم يقطع اتصالاته مع الضاحية، والمستمرة بعيدا عن الاعلام، رغم التوتر وشد الحبال القائم على خلفية التوقيفات الاخيرة لمقربين من الحزب في المانيا، في وقت تركز فيه الاستخبارات الفرنسية على ادارة الوضع جنوبا، حيث تنتشر قوة عسكرية فرنسية معززة في اطار قوات الطوارئ الدولية، والتي ازدادت الاشكالات بينها وبين الاهالي في الفترة الاخيرة في اكثر من قرية.
وتتابع المصادر بان المخابرات الالمانية تلعب دورا اساسيا في التفاوض الجاري مع حزب الله، بهدف التخفيف من حدة التوتر القائم والانزلاق الى حرب كبرى في المنطقة، والاهم محاولة اعادة احياء القرار 1701، والتخفيف من حدة التوتر القائم مع القوات الدولية في قطاع جنوب الليطاني، عشية التمديد لهذه القوات نهاية الشهر الحالي.
ورأت المصادر ان برلين تعمل على خطين: الاول حالي لتلافي الانفجار الكبير و”ضبط” اي عمليات عسكرية مكانا وزمانا، والثاني ما بعد انتهاء العمليات العسكرية، في اطار التسوية المقترحة، والتي المحت اليها تسريبات اوساط رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، والتي يبدو ان المسعى الالماني قد قطع شوطا كبيرا على صعيدها.
وتوقعت المصادر ان تنجح الخطوط الامنية الالمانية بتحقيق بعض الانفراجات، خصوصا ان لالمانيا تجارب سابقة ناجحة في التفاوض مع حارة حريك، تمكنت من خلالها عام 2004 في إتمام صفقة “ضخمة” لتبادل للأسرى بين الضاحية و”اسرائيل،” غامزة من قناة مرجعية امنية سابقة، تلعب دورا بارزا على هذا الصعيد في كواليس الاتصالات الجارية.
وفي هذا الاطار، تكشف المصادر في هذا الاطار الى ان مدير المخابرات المركزية الاميركية وليم بيرنز، الذي سيقوم بزيارة الى احدى الدول الخليجية، يدرس امكانية “تحويله عا بيروت” لساعات، لاجراء جولة محادثات سريعة مع المسؤولين، والاهم الاطلاع من فريقه العامل في السفارة في عوكر على الاجراءات المتخذة والاستعدادات، فضلا عن استماعه الى احاطة كاملة للوضع من الفريق العامل على الارض.
علما ، ان وكالته كانت ابلغت السفيرة وطاقم السفارة بالحد من تحركاتهم وحصرها قيد الامكان، في ظل الاوضاع الراهنة، فيما تدرس الخارجية امكان تخفيض عدد الديبلوماسيين الى حدوده القصوى، في حال تطور الامور، وهو ما انعكس على باقي السفارات، خصوصا سفراء “خماسية” باريس الذين علقوا نشاطاتهم بالكامل، ما ادخل الملف الرئاسي “الثلاجة”.
وختمت المصادر على وجود تقاطع وتكامل بين الضغط الاميركي على “اسرائيل”،و النصائح الروسية لايران، والتواصل الامني – الالماني مع حارة حريك عبر خطوط خاصة، قد يفضي الى احتواء التصعيد الحالي، لعدم الانجرار الى انهيار دراماتيكي يقود المنطقة الى حرب اقليمية مدمرة وطويلة.
وسط هذا المشهد جاء البيان المشترك الاميركي – المصري – القطري وردود الفعل الايجابية عليه، ليعيد خلط الاوراق. فهل يؤسس استئناف المفاوضات والدفع الدولي الثلاثي، لوقف اطلاق النار ثم ابرام التسوية وتجنيب لمنطقة الحرب الشاملة؟ وماذا عن طبيعة الرد الايراني على اغتيال هنية؟ وهل يحصل قبل ام بعد انطلاق المفاوضات؟ وهل يُضبط على ايقاعها فيأتي مُنسقاً مع المعنيين؟ والاسئلة نفسها تتزاحم حول طبيعة رد حزب الله ايضا على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، وكيف سيكون المخرج؟