IMLebanon

حذر رسمي في التعامل مع متغيّرات عرسال

أثار دفع «حزب الله» والجيش السوري مسلّحي التنظيمات الإرهابية من جرود القلمون السورية الى جرود عرسال تغييراً دراماتيكياً في الساحة الداخلية، لجهة تبدل الأولويات والاهتمامات والتصويب السياسي. وهذا أيضاً ما أكّده الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في كلمته أمس الأول أنه «لا يمكن السكوت على بقاء المسلّحين الإرهابيين في جرود القرى والبلدات اللبنانية المجاورة للحدود السورية»، ما أوحى بأن ثمة معركة أخرى آتية لإخراج المسلحين من الجرود، ومنها جرود بلدة عرسال.

وثمّة من يرى أنّ المعركة الآتية في جرود عرسال، إذا حصلت، ربما تهدف لدفع المسلحين الى مناطق أخرى في العمق السوري وترييح الخاصرة اللبنانية الرخوة في الجرود من تأثيرات المسلحين على الوضع الداخلي أولاً. وذلك بالإضافة إلى تحقيق مكاسب عسكرية للجيش السوري وللمقاومة في «الحرب المفتوحة» التي أعلن عنها نصرالله ضدّ المسلحين الإرهابيين، والتي تمتدّ على كامل الخريطة السوريّة، وبخاصة في المناطق التي تشكل خطوط تماسٍ وتشكل استنزافاً للمقاومة قريباً من الحدود،

في حين تعود قضية بلدة عرسال إلى الواجهة مجدداً من بوابات عديدة أمنية وسياسية. وهذا الأمر يضع الحكومة امام تحديات امنية وسياسية جديدة، نتيجة الانقسام الذي حصل حول معركة القلمون وظروفها وطبيعتها ونتائجها النهائية المرتقبة، ويثير في الوقت ذاته حذراً رسمياً من انعكاس المتغيرات التي حصلت ومن تداعيات الوضع اذا تطور إلى مواجهة كبيرة في جرود عرسال وفي البلدة نفسها.

وقد رفضت أوساط رئيس الحكومة تمام سلام التعليق على مواقف نصرالله حول الوضع العسكري في منطقة القلمون وجرود سلسلة الجبال الشرقية، وفضّلت «أن ننتظر لنرى تطور الأمور». وأشارت إلى أن «الوضع لا شكّ خطير ودقيق، خصوصاً بعد تجمّع غالبيّة المسلحين في جرود عرسال، وما يمكن أن يشكله ذلك من خطر أكبر على البلدة وسكانها، ما يستوجب التعامل معه بصبر وحكمة».

وإذ أكّدت الأوساط أن «الجيش اللبناني موجود في المنطقة ويقوم بواجبه للدفاع عن عرسال والقرى اللبنانية المجاورة»، رأت أنه «من الأولى أن تقوم كل القوى السياسية بتقديم الدعم اللازم للجيش لتمكينه من أداء مهمته براحة».

كما أشارت الى ان «حساسية وضع عرسال تتطلب التعامل معه بروية لا اندفاع، خشية حصول اصابات بين الاهالي اذا اضطر الجيش للتعامل بقوة مع المسلحين الذين قد يلجأون الى اطراف البلدة والتحصّن في منازلها»، موضحة ان «هذا هو سبب عدم دخول الجيش حتى الآن بصورة كاملة الى البلدة، على أمل ان نجد حلاً نهائياً لوضع البلدة».

لكن أطرافاً في فريق «8 آذار» يعتبرون أن لمعركة الجرود أبعاداً اوسع من لبنان ومن عرسال وجرودها ومن محدودية تعامل الفريق الآخر معها بحصرها في شقها الداخلي وحسب لتسجيل النقاط السياسية على «حزب الله»، بل يرون أنّ هناك من يريد وبقرار خارجي أن تبقى عرسال وجرودها ورقة ضغط عسكري وسياسي وابتزار لـ «حزب الله» وللنظام السوري، وممراً آمناً للتموين ورفد الداخل السوري والمسلحين من جهة الغرب بالسلاح والمسلحين.

ويشدّد هؤلاء على وجوب أن يكون للدولة اللبنانيّة موقفها في مقاربة أمرين أساسيين: الأوّل حسم مسألة التنسيق مع الجيش السوري لمعالجة بؤرة الإرهاب في الجرود واستئصالها نهائياً، والثاني حسم الموقف بالدخول بشكل كامل وشامل الى داخل بلدة عرسال وعزلها نهائياً عن الجرد حيث يتحصّن المسلحون.

واذا كان الامر الاول متعذراً بسبب وجود قرار سياسي كبير بعدم التنسيق رسمياً مع النظام السوري، فإن الأمر الثاني يمكن ترتيبه بهدوء لاستعادة عرسال كاملة الى كنف الدولة وقطع تواصل المستفيدين داخلها، مالياً وسياسياً وأمنياً، من العلاقة مع المسلحين في الجرد، خصوصاً ان المسلحين يتمكنون من دخول البلدة ويقومون بارتكابات خطيرة داخلها وعلى تخومها، مشيرين إلى ضرورة عزل عرسال عن خطوط التواصل مع مسلحي الجرود، وهذا يريح الأهالي بالدرجة الأولى، كما يريح الدولة.