Site icon IMLebanon

مسؤولون لا يستحون!

لبنان سيغرق في النفايات في عزّ موسم الصيف، ولن تنفع تطمينات وزير البيئة محمد المشنوق، وإن بنيّة صادقة، في تجنيب البلد هذه الكأس المرة، طالما أن لا حكومة تجتمع وتقرر، وتفتح من جديد باب المناقصات بعد تعديل في دفاتر الشروط، فتوفر للشركات ظروفاً للعمل بعدما أحجم معظمها عن التقدّم وفق الشروط المحددة. لا مكبّات للنفايات بعد 17 تموز، ولا مطامر، ولا معامل للحرق، ولا إمكان للتصدير إلى الخارج، وهو اقتراح مضحك أصلاً لبلد لا يجد سبيلاً إلى مساعدة المزارعين في تصدير انتاجهم الذي يكسد ويرمى به على الطرق، ليصبح أصحابه فريسة الجوع مع عيالهم. لا أموال لإعادة الشاحنات المبرّدة العالقة في الخارج، ولا لبواخر تحمل انتاجنا إلى الدول العربيّة، ولا دعم ولا تعويضات للمزارعين والصناعيين، فمن أين يأتون بالمال لتصدير زبالتهم؟

أما بعد، فثمة ملفات حياتية تتجاوز حسابات 8 آذار و14 آذار، و”إعلان النيات” و”حوار عين التينة” إذ أكّد وزير المال علي حسن خليل أن “رواتب وأجور موظفي القطاع العام البالغ عددهم نحو 225 ألفاً بين مدني وعسكري، مهدّدة بدءاً من نهاية أيلول المقبل، ما لم تقرّ موازنة 2015 أو تفتح اعتمادات إضافية”. وقال إن “الاعتمادات المخصّصة للرواتب والأجور لا تكفي حتى نهاية العام الجاري، وإن ثمة حاجة لاعتمادات إضافية تفوق 500 مليار ليرة بموجب قانون عن مجلس النواب”.

ونبّه خليل من أن عدم الإفادة من القروض المقرّرة للبنان من المؤسسات الدولية سيهدّد بفقدانها، وليس هذا فقط، بل أن لبنان سيخسر أيضا فرصة محققة للحصول على مزيد من القروض. ومن أبرز هذه المشاريع تمويل استملاكات مشروع سد بسري بنحو 473 مليون دولار. وهناك مشاريع أخرى تتعلق ببرنامج إصلاح إدارة المالية العامة (نحو 5,8 ملايين دولار) ومشروع معالجة التلوث البيئي (15,2 مليون دولار) ومشاريع لتجهيز مناطق زراعية وبنى تحتية لمشاريع المياه وتنشيط القطاعات في التنمية المناطقية.

هكذا تطغى الأنانيات الشخصية، وحسابات ذوي القربى، ومصالح الدول الاقليمية، على كل هم وطني. فالخطب الرنّانة عن رئاسة الجمهورية وصلاحياتها ودورها والرئيس القوي، وترداد عبارات التمسك بالدولة والمؤسسات، تصبح كلها بلا معنى أمام حاجات الناس وجوعهم وعوزهم. واما المزايدة في تبني قضاياهم، فهي لا تشبع جائعاً، ولا تدخل مريضاً عتبة المستشفى، ولا تسدّ قسطاً من ثمن شقة أو سيارة، ولا تدفع القسط المدرسي. لكن الناس في واد، والمسؤولين في واد آخر، فهم لم ولن يعرفوا الحاجة والعوز، إذ أن أموالهم تتكدّس في المصارف هنا وفي سويسرا، ومصالحهم تتمدّد في كل العالم، والسرقات المحمية والمتقاسمة بين أزلامهم في الداخل توفّر لهم مداخيل ثابتة وأكيدة ولا مجال لفضحها لأن الشركاء كثر وليس من مصلحة أحد البوح بالأسرار.

عيب عليكم تعطيل البلد، وحرام عليكم معاقبة الناس