Site icon IMLebanon

أغفر لهم يا عصام…

هادي جبران، توفيق معوض، عصام بريدي، نانسي ملاك وغيرهم… أسماء تتزايد وشباب يفقدون الحياة على طرق لبنان يومياً. ربما الاسباب التي تتسبب بالوفاة يعتبر البعض انها مسؤولية السائق اولاً، كالكحول، واستعمال الهاتف الخليوي، والسرعة، وعدم وضع حزام الأمان، وكل هذه العوامل تقع على عاتق السائق.

لكن أليست هذه الاسباب نتيجة لإهمال الدولة؟

أليست معاقبة من يتخطى السرعة المسموحة بضبط أولاً ومن ثم مصادرة إجازة السوق ومنع السائق المخالف من القيادة مجدداً، تدابير تدفع بالناس الى التنبه للسرعة المسموحة؟ أليس وضع حواجز كما في كل البلدان المتحضرة لمنع الناس من احتساء الكحول بإفراط، من أحد واجبات الدولة؟

والضبط عند استعمال الخليوي، او عدم وضع حزام الأمان، أين أصبح تطبيقه؟

نعم، هناك مسؤولية على من يحتسي الكحول او يسرع او يستعمل الخليوي خلال القيادة، لكن المسؤولية الاكبر على دولة لا تراقب جدياً كل هذه التجاوزات، ولا تعاقب عليها بشكل صارم! يأتي وزير ويغيّر الوضع لفترة قصيرة، ثم يعود التقصير والاهمال مجددا! كأن المؤسسات وعملها رهن مبادرات فردية لوزراء، وكأن هذا العمل يجب الا يكون قاعدة!

إنارة الطرق واجب، ووضع حدود للجسور واجب، وتجهيز الشاحنات بطرق ضامنة للسلامة العامة واجب، ووضع جسور للمشاة او رسم ممرات للمشاة واجب. كل هذه الاجراءات من البديهيات، ومن السهل تطبيقها عندما يكون هناك ارادة حقيقية. مشكورة المؤسسات والجمعيات التي تعمل لتوعية الشباب، لكن هذا لا يكفي، لان أرقام حوادث السير تتزايد وكل هذه المبادرات لا يمكن ان تنفع من دون تطبيق صارم لقانون السير! وهذا يبدأ منذ تقديم فحص القيادة الذي أصبح الجميع يعلمون كيفية حصوله وعدم جديته، فيبدأ الاصلاح من هذا الفحص ويمر بتحسين الطرق وتحديد حقوق السائق والمشاة وواجباتهم، وينتهي بتطبيق صارم وجدي وبمحاسبة كل من يخالف أي قاعدة! فلوم السائق غير جائز لأنه مهما فعل فإن ذلك سيكون نتيجة إهمال الدولة والمسؤولين.

قضية عصام بريدي هزت الرأي العام والاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ولكن على أمل أن تهزها ليس للسبق الصحافي ومن يلتقط صوراً اكثر او من في حوزته “سكوب” اكبر، بل ان تهز الرأي العام لتغيير هذا الواقع الذي لم يعد مقبولاً!

وأخيراً نعزّي عائلة عصام بريدي، ونقول لعصام ربما كنت تعمل في مجال لا تقدره الدولة ولا تدعمه، واخترت طريقاً صعباً في وطننا، طريق الفن والتمثيل والابداع! وفي النهاية أخذت طريقاً ايضاً لا تهتم دولتنا بتحسينه للحفاظ على شباب أمثالك! فاغفر لهم يا عصام علّهم يستفيقون على ما فعلوا ويفعلون!