ترك التوازي بين إطلاق خطة أمنية واسعة لتطويق تحديات متزايدة وتقدم ملف النفط على كل العناوين السياسية أكثر من علامة استفهام حول الأولويات المطروحة على بساط البحث الداخلي، إذ ان أكثر من مرجع سياسي قد فوجىء بالتسارع الذي حقّقه ملف استخراج الغاز والنفط من البحر، بعد خلاف دام أكثر من عامين، وذلك في الوقت الذي تبدو فيه الساحة بشكل عام مستهدفة بالتهديدات الإرهابية بموجة غير مسبوقة من الشائعات، جعلت الوضع العام على قدر مرتفع من الدقة والحذر من المرحلة الآتية، وذلك بعد الهجمة الإرهابية الخطرة التي تعرّضت لها بلدة القاع الحدودية مطلع الأسبوع الماضي.
ومن ضمن هذا السياق، وجد مصدر وزاري سابق، أن الجهوزية الأمنية لدى المؤسّسة العسكرية، كما لدى سائر المؤسّسات الأمنية، قد سمحت باستيعاب ودرء الأخطار والتهديدات الإرهابية، ولكن يبقى العنوان الأساسي لانتظام عمل جميع المؤسّسات بالتوازي مع الأجهزة الأمنية هو انتخاب رئيس للجمهورية، والحدّ من الفراغ الرئاسي، في الوقت الذي تتفجّر فيه المنطقة وتصيب شظاياها أكثر من منطقة لبنانية. واعتبرت أن التلاقي والاتفاق بين الرئيس نبيه بري و«التيار الوطني الحر» حول ملف النفط هو عنوان إيجابي لجهة التوقيت، ولكنه يطرح ملفاً سجالياً جديداً في ظل ردود الفعل المتباينة التي سجّلت في اليومين الماضيين. وأكد أن المتحفّظين عن هذا الأمر، يتحدّثون عن تأخير في التوافق حول ملف استخراج النفط والغاز، لافتين إلى الظروف البالغة السلبية التي تحيط بأسواق النفط في كل أنحاء العالم في ظل تدهور الأسعار وتراجع نشاط الشركات، الأمر الذي سينعكس بشكل سلبي على عدد الشركات العالمية التي ستتقدّم بالعروض للتنقيب عن النفط اللبناني. وأضاف المصدر، أن أكثر من 80 شركة كانت قد عرضت المساهمة في هذا المجال، ولكن الواقع اليوم يشير إلى تغيير هذا الأمر، علماً أن ما هو مطروح هو التنقيب عن النفط في البرّ وليس في البحر.
وإذ أشار المصدر الوزاري السابق نفسه إلى الإشكالية التي ستنشأ بين مجلس النواب والحكومة حول صلاحية إعداد مشاريع القوانين قد تؤدي إلى مزيد من التجاذب بين الأطراف السياسية ما ينعكس سلباً على الحراك السياسي الهادف إلى تأمين تسوية شاملة على طاولة الحوار الوطني في آب المقبل. واعتبر أن الإيجابية التي سُجّلت من خلال الإتفاق «النفطي» لن تذلّل العقبات أمام الاتفاق حول الاستحقاق الرئاسي بعدما باتت التسوية الرئاسية إقليمية ودولية، وبالتالي، لم يعد القرار لبنانياً، ولو اتفقت كل الأطراف على النزول إلى مجلس النواب وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وتوقّع المصدر نفسه، حصول اشتباك سياسي جديد بعد عطلة عيد الفطر، سيدفع بكل العناوين المطروحة إلى التجميد والشلل، وذلك بسبب العجز لدى أي طرف عن التوصل إلى أي قرار حاسم يحظى بإجماع القوى السياسية كافة في 8 و 14 آذار. وأكد أن التهديدات الإسرائيلية باتت أكثر خطورة بعد الاتفاق الإسرائيلي ـ التركي، وهو يحتّم الإسراع في استثمار النفط والغاز، لكنه استدرك أن إجراء انتخابات رئاسية ما زال يحتل الأولوية على كل المستويات، كونه يشكّل الوسيلة المثالية لمقاربة هذا العنوان من خلال المؤسّسات وعبر القوانين بعيداً عن أي تأويل أو عرقلة.