Site icon IMLebanon

لبنان يمنع نفسه من استخراج النفط والغاز

 

لا تستقيم نظرية «المؤامرة»في قضية الغاز والنفط في لبنان وأن هناك أحداً يمنعنا من استخراجه، والحقيقة التي تثبتها الوقائع هي أنه نحن من نمنع أنفسنا من استغلال هذه الثروات المدفونة.

 

في البداية يجب التذكير أن البئر التي حفرتها «توتال» في البلوك رقم 4 لم يتم العثور فيها على كميات تجارية، وكل كلام آخر هو تضليل للرأي العام في سياق تحميل الفشل في كل هذا الملف للمؤامرة.

 

«توتال» هي أيضا المكلفة بالحفر في البلوك رقم 9 وقد أبلغت السلطات المعنية أنها تريد حفر البئر هناك في الرقعة التي يقع فيها حقل قانا، وهي رقعة واعدة في العثور على الغاز والنفط ولا تريد «توتال» تكرار التجربة الفاشلة في البلوك رقم 4 من خلال الحفر في رقعة لا حظوظ فيها، ولكنها في الوقت ذاته أكدت أنها لن تباشر الحفر في البلوك رقم 9 قبل إنهاء النزاع مع إسرائيل في المنطقة هناك.

 

الحفر في البلوك رقم 9 مرتقب في العام 2024 وربما لن تظهر نتائجه قبل العام 2025 وسبب هذا التأخير ليس «المؤامرة» بل جائحة كورونا والتي على أساسها اتخذ مجلس النواب قوانين بتمديد المهل، وقد استفادت منها «توتال» بتمديد وصل إلى سنة ونصف السنة، وكان يمكن أن يكون أطول لو لم تبادر هيئة إدارة قطاع البترول للطلب من مجلس النواب ألا تشمل قوانين تمديد المهل الأنشطة البترولية.

 

«توتال» والكونسورتيوم الذي معها والمؤلف من «آني» الإيطالية و»نوفاتك» الروسية مسؤولة تجاه الحكومة اللبنانية وهي يفترض بها أن تحاسب «توتال» إن كان هناك من تقاعس او تآمر من قبل الشركة لمنع لبنان من استغلال غازه ونفطه، ولكن الحكومات اللبنانية لم تتخذ أي إجراء في هذا الإطار لأن تأخير «توتال» في الحفر في البلوك رقم 9 مغطى ومبرر قانوناً، وبالتالي فإن سحب الترخيص منها سيلحق ضرراً كبيراً بلبنان لجهة أن الشركات العالمية لن تكون مستعدة للتعامل مع السلطات اللبنانية في هذا المجال، بعد ما يمكن اعتباره تجربة سيئة مع «توتال»، كما أن العلاقات مع فرنسا الداعمة للشعب اللبناني قد تتعرض لانتكاسة في أعقاب هكذا قرار،عندها يطرح السؤال بأي من الشركات يمكن أن يستعين لبنان؟

 

قد يرد البعض أن الشركات الإيرانية جاهزة لذلك، ولكن خبراء النفط يؤكدون أن هذه الشركات لا تملك خبرة الحفر تحت سطح المياه العميقة، كما أن التعامل معها قد يرتب على لبنان مخاطر ناجمة عن العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعلاقاتها المتدهورة مع الغرب.

 

في لبنان دورة تراخيص جديدة للإستكشاف والتنقيب في ما تبقى من بلوكات وتنتهي مهلة تقديم العروض مع نهاية شهر حزيران، وحتى الآن لم تتقدم أي شركة رغم أن المعنيين بالملف يقولون بأن علينا الانتظار حتى اليوم الأخير من المهلة، ولكن، وفي حال لم يتقدم أحد أو تقدمت شركة واحدة فقط فذلك لا يعود إلى «مؤامرة» بل لعدم ثقة الشركات بطريقة إدارة هذا الملف في لبنان، وإن كان فعلاً هناك من «مؤامرة» فيفترض بقوى الممانعة ان تسقطها وأن تقاتل كي تتقدم شركات الجمهورية الإسلامية الإيرانية وروسيا والصين وفنزويلا بعروضها ولا يزال الوقت متاحاً أمامها.