Site icon IMLebanon

تدفّق الغاز والنفط من المياه اللبنانيّة “حلم” مؤجّل … و”الكونسورتيوم” سيعود فور عودة الاستقرار الى المنطقة

 

 

لم يُقفل الباب بشكل نهائي على ملف النفط والغاز في لبنان، رغم مغادرة شركة “توتال” المياه اللبنانية البحرية، تزامناً مع اندلاع حرب غزّة من دون أن يتمّ الإعلان بشكل رسمي عن عدم وجود مكتشفات من الغاز والنفط في حقل قانا… فالباب لا يزال مفتوحاً على احتمالات عديدة، وإن كان تحالف الشركات أي “توتال” و”إيني” و”قطر إنرجي”، لم يُعلن بعد وقف عملية الحفر في البلوك 9 ، وعمّا إذا كان قد تخلّى عن البلوك المذكور بشكل جزئي أو كلّي أو أنّه سيقوم بعمليات أخرى فيه. أمّا تقدّم “الكونسورتيوم” نفسه بطلب ترخيص للحفر في البلوكين 8 و10، فيعني أنّ الأمل في تفجّر الغاز والنفط من المياه اللبنانية لم يُفقد بعد، وإن كان قد تأجّل بسبب الظروف الأمنية التي طرأت في غزّة. غير أنّ عودته ستكون سريعة فور انتهاء الحرب وعودة الهدوء والاستقرار الى المنطقة الجنوبية.

 

مصادر سياسية مطلعة أكّدت أنّه لا يمكن الجزم بأنّه ليس من غاز أو نفط في البلوك 9 ، حيث قامت “توتال” بعملية الحفر، وخصوصاً أنّها وصلت الى عمق 3900 م. في أعماق البحر وتوقّفت خشية امتداد حرب غزّة الى لبنان، فلملمت العدّة وغادرت مع بدء المواجهات العسكرية بين حزب الله والعدو الاسرائيلي في المنطقة الجنوبية، كونها تريد حماية طاقم عملها ومعدّاته. وقد دفعها الى اتخاذ قرارها السريع بوقف عملية الحفر أمران: أولهما عدم تدفّق الغاز من العمق الذي وصلت اليه، الأمر الذي يستلزم المزيد من الوقت لاستكمال الحفر وتصل الى عمق 4400 م. وثانيهما توقّف “الإسرائيلي” عن العمل في حقل “تمار” فور اندلاع حرب غزّة.

 

وتقول المصادر انّ التحالف قد حَفَر مرتين: الأولى في البلوك 4 (في نيسان من العام 2020)، والثانية في البلوك 9 (في آب الفائت)، ولم يجد أي اثر لمكتشفات تجارية من الغاز، كونه حفر بئراً واحدة في كلّ رقعة، وفق ما جرى التوقيع عليه في اتفاقية الإستكشاف والتنقيب الموقّعة بينه وبين الدولة اللبنانية. مع العلم بأنّ الشركات النفطية غالباً ما تحفر في 4 مكامن كحدّ أقصى لتتمكّن من الجزم بأنّ البلوك خالٍ من الثروة النفطية. فيما الحفر في مكمن واحد لا يُعتبر كافياً، على غرار ما حصل في البلوكين 4 و9.

 

ولكن في حالة لبنان، من غير المنطقي عدم وجود غاز أو نفط في البلوكات البحرية، لا سيما الحدودية منها، على ما أضافت المصادر نفسها، في الوقت الذي تتدفّق فيه هذه الثروة الطبيعية من حقول الدول المجاورة، مثل فلسطين المحتلّة ومصر وقبرص والأردن. ولهذا فإنّ لبنان لا يزال يأمل في أن يدخل نادي الدول النفطية والمصدرّة للغاز والنفط، وأن يحتوي أحد بلوكاته البحرية على خزّان من الثروة النفطية، إلّا أن حلمه هذا قد تأجّل مجدّداً بفعل الظروف وعدم إصابة “توتال” خلال عملية الحفر المكامن المناسبة.

 

والتأجيل، كما في كلّ أمر لا عافية فيه، على ما عقّبت المصادر، ولا سيما أنّ الاتفاقيات والعقود تتطلّب المزيد من الوقت، في حين أنّ لبنان كان يأمل في أن يستثمر ثروته هذه خلال السنوات المقبلة، بهدف استعادة عافيته الاقتصادية في أسرع وقت ممكن. إلّا أنّ تقديم “كونسورتيوم” الشركات نفسه عرضين للحفر في كلّ من البلوكين 8 و10، يعني أنّه سيعود الى لبنان فور عودة الأمن والهدوء الى غزّة والمنطقة الجنوبية، ولكن لا أحد يدري متى سيحين موعد هذه العودة. كما أنّ “توتال” لم تحسم أمر البلوك 9، فقد تعود عندما تسمح لها الظروف للقيام بأعمال إضافية فيه، لاستكمال ما بدأته في 24 آب الفائت وأنهته بشكل سريع في 12 تشرين الأول المنصرم.

 

أمّا تخلّي شركة “توتال” عن العمل في البلوك 9، في حال تقرّر ذلك، فيعني أنّ البلوكين 4 و9 قد عادا الى الدولة اللبنانية، ويمكنها عندئذ إعادة تلزيمهما الى شركات نفطية أخرى، كما هي الحال في البلوكات المتبقية أي 1 و2 و3 و5 و6 و7 ، التي لم تتقدّم أي شركة بعرض للاستثمار فيها بسبب ظروف المنطقة غير المستقرّة. وبإمكان الدولة اليوم عدم هدر الوقت، بل الاستفادة منه والتحضير لدورة تراخيص ثالثة، على أن يتمّ إطلاقها فور وقف إطلاق النار أو الأعمال الحربية في غزّة، كما المواجهات العسكرية في جنوب لبنان. فلا شيء يمنع الشركات النفطية في العالم من التنقيب عن النفط في منطقة الشرق الأوسط سوى عدم الأمن والاستقرار، وخصوصاً أنّها في حاجة ماسّة إليه خلال السنوات المقبلة.

 

أمّا متى عادت الأمور الى طبيعتها، على ما ترى المصادر، فسيكون هناك عدد كبير من الشركات النفطية المهتمة بالاستثمار في المياه اللبنانية، على غرار ما حصل خلال دورة التراخيص الأولى التي تقدّمت اليها 52 شركة عالمية. علماً بأنّ هذا الاهتمام انخفض الى عدد محدود من الشركات في الدورة الثانية.

 

وصحيح أنّ الظروف الأمنية في لبنان والمنطقة غير مؤاتية اليوم لأعمال الحفر في أي من البلوكات اللبنانية، نظراً لعدم معرفة أحد ما إذا كانت الحرب ستتمدّد الى الداخل اللبناني أم لا.

 

غير أنّ حرب غزّة ستنتهي قريباً، على ما أكّدت المصادر عينها، لا سيما مع المساعي الدولية والعربية لوقفها، أو على الأقلّ اعتماد هدنة إنسانية طويلة الأمد، وبدء التفتيش عن حلول سياسية للقضية الفلسطينية، وإن كانت الولايات المتحدة تصرّ على استكمالها، رغم علمها بأنّ نتائجها لن تأتي على قدر التوقّعات.