مرة جديدة يتواجد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في الشرق الاوسط. من الكويت بدأ جولته التي تحمل أهدافا متعددة بحسب المكان الذي يتواجد فيه، في الكويت يحاول بومبيو طرق باب حلّ الازمة الخليجية، وحصار قطر، بينما في الأراضي المحتلة في فلسطين، ولبنان سيكون لوزير الخارجية الاميركية أهداف أخرى، أبرزها ترسيم الحدود البحرية، ومساندة اسرائيل في المعركة على «النفط» و«الغاز» ومحاصرة حزب الله.
لن ينجح بومبيو في تحقيق مراده من زيارة الكويت، تقول مصادر سياسية مطلعة، مشيرة الى أن وزير الخارجية الاميركي لم يحمل أي جديد بشأن حل أزمة قطر مع السعوديين والاماراتيين، مشددة على أن الأزمة التي تشتد بعدما اقتربت سابقا من الفرج بحاجة الى أكثر من مجرّد «تمنيات» اميركية لأجل حلّها.
بعد الكويت زار بومبيو «اسرائيل»، وهناك أصبحت الصورة اوضح عن أهدافه الرئيسية في لبنان. تشير المصادر الى أن قراءة خبر اللقاء الثلاثي الذي عُقد الأربعاء الماضي في عاصمة الكيان الإسرائيلي بين، اسرائيل، واليونان وقبرص، بحضور بومبيو، لمناقشة ملف تطوير مشروع خط الغاز «إيست ميد»، والذي يصل إسرائيل بإيطاليا في أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، ويبلغ طوله 2100 كيلومتر، لا يمكن الا أن يعني شيئا واحدا وهو ان بومبيو سيزور لبنان حاملا بجعبته طلبا أميركيا صريحا بالتزام لبنان الحدود البحرية القائمة على أساس «خط هوف»، لما لذلك من حماية لمصالح اسرائيل في الغاز.
يساهم خط الغاز الذي يصل اسرائيل بأوروبا بتخفيف حجم الاعتماد على الغاز الروسي، تقول مصادر متابعة، مشيرة الى ان هذا الهدف لوحده يجعل من القيادة الاميركية متلهفة على تحققه بأسرع وقت، فكيف إن كان الهدف الآخر هو مصالح اسرائيل. وتضيف المصادر: «يحرم «خط هوف» لبنان من حوالي 42 بالمئة من حقوقه البحرية في البلوك رقم 9 الموجود في الجنوب اللبناني، لذلك فقد كان هذا الاقتراح مرفوض سابقا وسيكون مرفوضاً اليوم بشكل كامل، خصوصا وأن اسرائيل تحاول حماية حقلها الموجود في تلك المنطقة والذي يبدأ بتصدير الغاز في الأشهر القليلة المقبلة».
«لا شك ان لبنان الذي أعلن بالساعات الماضية عن بدء مرحلة المسح البيئي في البلوكين 4 و9، قد تأخر كثيرا مقارنة بالعدو الاسرائيلي، الا أنه لن يقبل بالتخلي عن شبر واحد من أراضيه أو مياهه»، تقول مصادر نيابية، مشيرة الى أن الأميركي يعرف جيدا الموقف اللبناني من هذا الأمر ولكنه يسعى من خلال نقل وجهات النظر الاسرائيلية، الى تأخير لبنان عن إطلاق أي نشاط نفطي في البلوك رقم 9، تمهيدا لإعطاء الوقت لاسرائيل لسرقة النفط والغاز.
وتلفت المصادر النيابية النظر الى أن لبنان لا يزال يدفع ثمن خطأ حكومة فؤاد السنيورة عام 2007 عندما وقعت على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، ورغم أن الاتفاقية غير ملزمة لعدم اقرارها بالمجلس النيابي الا أن الخطأ الموجود فيها لم يصحح، وتعاطت قبرص مع لبنان بخبث يضمن سرقتها لمساحات من المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية، مشددة على ان لبنان تعاطى مع هذا الخطأ بقلة مسؤولية اوصلتنا الى المرحلة الصعبة الحالية.
وتعود المصادر الى زيارة بومبيو لتؤكد ان «ترسيم الحدود» هدفها الاول، وبطبيعة الحال سيحمل وزير الخارجية وجهة النظر العدو الاسرائىلي وسيحاول فرضها على لبنان، بالترغيب والترهيب، كاشفة ان الرؤساء الثلاثة اتفقوا على رفض هذا الامر بشكل مطلق. وتضيف المصادر: «لبنان خسر الكثير من الوقت، ولكنه لن يخسر امام اسرائيل في هذا الملف، لذلك سيكون الموقف واضحا بأن لا تنازل ولا قبول بحلول على حساب لبنان ولا تفريق بين ترسيم الحدود البرية والحدود البحرية لأن قوة لبنان بعدم فصل هذين الملفين، وعدم التنازل عن شبر واحد من أرضه ومياهه».
وترى المصادر ان هذا الهدف لا يعني عدم تطرق بومبيو لمسألة العقوبات على حزب الله، او العلاقات مع سوريا، مشيرة الى أن الموقف اللبناني الموحد بملف ترسيم الحدود قد لا يكون نفسه في باقي الملفات، ولكن الأكيد أن قصر بعبدا وعين التينة قد حددا العناوين الاستراتيجية التي لا يمكن للبنان القفز عنها.