IMLebanon

لا استفادة من النفط والغاز قبل هذا الاتفاق!

 

يركّز الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، خلال إطلالاته الأخيرة، على موضوع استخراج الثروة ‏النفطية والغازية الموجودة في المياه الإقليمية ‏والمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، والتي تصل، وفق ما قال، الى ‏‏500 ‏مليار دولار، مؤكداً أنّ «المقاومة ستضمن استخراج النفط والغاز لحلّ أزمة لبنان»، وذلك بدلاً من أن «يتسوّل لبنان بضعة مليارات من صندوق النقد الدولي أو دول الخليج». هذا الحلّ للأزمة الذي يشدّد عليه نصرالله، يعتبره البعض «بَيع سمك في البحر»، إذ حتى لو بدأ التنقيب عن النفط والغاز الآن، فإنّ استخراجه والاستفادة منه يتطلّبان سنوات عدة، فضلاً عن أنّ مصادر معنية بهذا الملف ترى أنّه «قبل ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع اسرائيل، لن تقدم أي شركة لا على التنقيب ولا على استخراج النفط».

كذلك أشار نصر الله الى أنّ «الاوروبيين ‏يفتشون عن بديل للغاز وللنفط من روسيا، وبدأوا بعقود ‏مع العدو، من أجل أن يصدّروا لهم ‏الغاز، وإذا أُخرج ‏النفط، من هنا من جانبنا، نحن اللبنانيين نُشاهِد، ولا ‏نستطيع أن نقوم بأي شيء. على رغم أنّه يوجد لدينا ثروة هائلة‏، نسدّ فيها الدين ونعمّر فيها لبنان». هذا في وقتٍ يعلم نصرالله، بحسب مصادر مطّلعة، أنّه من دون وصول المفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل حول الترسيم الى نتيجة نهائية، لا يُمكن للبنان أن يستفيد من ثروته النفطية، ويظهر أنّ هذه المفاوضات المتوقفة الآن، تتطلّب كثيراً من الوقت، على رغم رغبة كلّ الأطراف المعنية في إنجازها.

 

في هذا الإطار، تقول مصادر ديبلوماسية مطّلعة: «لا شك في أنّ الأميركيين والاسرائيليين يريدون ترسيم الحدود، لكن اللبنانيين لا يعرفون حدودهم لكي يُنجز هذا الترسيم، ففي الأمم المتحدة إنّ حدود المنطقة اللبنانية هي الخط الرقم 23، فيما الوفد اللبناني المفاوض سابقاً في الناقورة حدّد هذه الحدود عند الخط 29، ورئيس الجمهورية لا يوقّع مرسوماً يشرّع الحدود عند هذا الخط، وفي غضون ذلك بدأت إسرائيل تنقّب عن الغاز والبترول وتستغل الأراضي المتنازَع عليها».

 

لكن حتى لو أُنجز ترسيم الحدود الآن، فإنّ الاستفادة لبنانياً من هذه الثروة خلال أزمة حرب روسيا على أوكرانيا غير فاعلة، لأنّ استخراج الغاز يتطلّب سنوات عدة، بحسب المصادر نفسها، وبالتالي إنّ الاستفادة من النفط والغاز في لبنان تكون على أمد طويل، إن بالنسبة الى البلد أو للدول الأوروبية، وليست حلّاً المشكلة الحالية التي يواجهها لبنان أو التي يواجهها العالم جرّاء أزمة أوكرانيا. أمّا الآن، فيعمل الأميركيون والأوروبيون على الاستفادة من النفط والغاز من مكانٍ آخر، وتحديداً من الخليج العربي وإيران، ولذلك بدأت المصالحة الأميركية – السعودية، حيث يحاولون استغلال هذا المخزون، والتشديد على زيادة الانتاج لإيصال هذا الغاز الى أوروبا.

 

وبالتالي، إنّ غاز لبنان ليس له أهمية آنية بل على المدى الطويل، والبعض «يعطيه أهمية أكثر من قيمته»، بحسب المصادر إيّاها، التي تعتبر أنّ من يطرح أن نَتشَدّد ونَتعنّت في مفاوضات الترسيم لكي نحصل على ما نريده، بحجة الضغط على الأميركيين خلال أزمة أوكرانيا، مُخطئ و»واهم»، فثروتنا مهمة على المدى الطويل، فيما الغرب يهمّه إنتاج النفط والغاز على المَديين القصير والمتوسط للتعويض عن النقص من روسيا.

 

على صعيد مفاوضات الترسيم، «نحن في مرحلة اتصالات»، بحسب مصادر معنية بالملف. وكانت سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا، قد تحدثت مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، خلال زيارتها الأخيرة له، حول الترسيم ومهمة الوسيط الأميركي في المفاوضات عاموس هوكشتاين، وقال لها الرئيس: «إنّنا نرحّب بمعاودة وساطة هوكشتاين، ونحن حاضرون لتجديد البحث وتحريك المفاوضات». لكن حتى الآن، لا جواب أو جديد حول الموضوع.

 

وفي حين أعلن المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، في حديثٍ الى مجلة «الامن العام»، إثر زيارته لواشنطن، أنّ «الجانب الاميركي لا يزال ينتظر الرد من السلطات اللبنانية على ما أودَعه الوسيط الاميركي في زيارته الاخيرة لبيروت»، معتبراً أنّ «هذا الرد سيفتح باب النقاش والتفاوض مجدداً بين الاطراف المعنيين»، تؤكد المصادر المعنية بهذا الملف أنّ «الأميركيين لم يطلبوا ردّاً خطياً، وشيا لم تطلب أمراً من هذا القبيل، بل سألت فقط إذا كنّا ما زلنا مستعدين للتفاوض، فأجابها الرئيس عون أن لا مشكلة، وننتظر أن تُعاودوا الوساطة والمفاوضات، فأنتم من بادَرتم بالوساطة وإمّا تكملون بها أم لا».

 

وكان لبنان قد ردّ على طرح هوكشتاين الذي اعتُبر أنّه «يقتطع حقوقاً للبنان»، بدعوة واشنطن الى العودة الى المفاوضات وفق «اتفاق الإطار». وتوضح المصادر نفسها أنّ «وساطة هوكشتاين لا تتعارض مع مفاوضات الناقورة، فهو الوسيط، ولا يُمكننا أن نجلس مع اسرائيل بلا الأمم المتحدة والوسيط، وإنّ الأمم المتحدة جاهزة ويبقى الوسيط. فنحن لا نتحدث مع الاسرائيليين الى الطاولة من دون الوسيط، بل نتوجه الى الوسيط وهو يتحدث مع الاسرائيليين».

 

لكن، الى الثروة النفطية والغازية جنوباً، هناك البلوك الرقم 4 شمالاً الذي يعتبر لبنان أنّه يحتوي على ثروة لا يُستهان بها، ويرى «حزب الله» أنّ لبنان يمكنه الاستفادة منها، ويستطيع أن يَستقدم شركات غير «توتال» التي قالت إنّه لا يحتوي الغاز اللازم، للتنقيب مجدداً. وبالنسبة الى رئيس الجمهورية، الذي سبق أن أعلن مراراً «أنّهم أبلغوا الينا أنّ هناك غازاً، وفي اليوم التالي قالوا إنّ الكمية غير تجارية»، يعتبر أنّ «هذا القرار له خلفيات تتعلّق بالضغوطات التي تمارس على لبنان». وفي حين تؤكد المصادر المعنية «أنّنا لن نتجاهل هذا البلوك ومن المفترض تحريك هذا الملف»، ترى أنّه «يجب معالجة موضوع الترسيم قبل ذلك، إذ يجب أن يتوافَر مناخ مريح للشركات لكي تعاود العمل في الآبار».