IMLebanon

الفوضى النفطيّة تُقلق الأميركييّن والأوروبّيين… وكل الإحتمالات واردة

قرَّر الرئيس باراك أوباما زيادة القوات العسكريّة في العراق. وتحدّث عن مرحلة جديدة، من مؤشّراتها الرسالة التي بعثَ بها إلى نظيره الإيراني يَحضّه فيها على التعاون، وقد أثارت جدلاً في الأوساط الأميركيّة.

يتزامن ذلك مع بدء جولة جديدة من المفاوضات في مسقط، حول البرنامج النووي الإيراني، ورفعِ العقوبات الاقتصاديّة، فيما يتحدّث الإعلام الإسرائيلي عن بدء مرحلة من التعاون الأميركي – الإيراني في ملفات المنطقة.

لا يمكن ركوب موجة التفاؤل والذهاب بعيداً، لكن أن يأتي وزير الخارجية جون كيري الى سلطنة عمان ليلتقي نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، في حضور المستشارة الأوروبيّة كاثرين آشتون، ففي المشهد دلالات:

– أوّلُها، أنّ المكان مهمّ، وهو قريب من اليمن، وفي ذلك رسالة تطمين للمملكة العربيّة السعوديّة، مفادُها أنّ الولايات المتحدة مهتمّة، وأنّ محادثاتها المفتوحة مع إيران في حضور الاتّحاد الأوروبي تتناول الحراك الحوثي، ومستقبل اليمن.

– ثاني هذه الدلالات، توجيه رسالة تطمين الى دول مجلس التعاون الخليجي مفادُها أنّ التفاهم مع إيران على برنامجها النووي ورفعِ العقوبات الاقتصاديّة عنها، لن يكون على حساب استقرار الخليج، لا بل إنّ طهران معنيّة في تثبيته.

– ثالث هذه الدلالات أنّ اجتماع مسقط يتزامن والتوتّرات التي شهدَتها بعض دول مجلس التعاون على خلفيات مذهبيّة في مناسبة ذكرى عاشوراء، وهذا يعني أنّ الإفراط بالقمع ممنوع، لأنّ ذلك من شأنه أن يطيح كلّ الضمانات التي قُدّمت حتى الآن، الشفهيّة منها والخطّية.

يبقى العراق موقعَ الثقل. جاء حيدر العبادي رئيساً للحكومة بتوافق سعودي – إيراني – أميركي، ولم يتغيّر المشهد كثيراً. قيل في السابق إنّ نوري المالكي وسوءَ إدارته للأزمة هما أصل البَلاء، أقصِي، وتألّفَت حكومة جديدة، وتمّ مَلء المقاعد الأمنية من وزير الدفاع، إلى وزير الداخليّة، إلّا أنّ التحديات حافظت على منسوبٍ عالٍ من التأزّم، ولم يسجّل التغيير المطلوب.

كان الرهان على الجيش في صَدّ «داعش»، وتبيّنَ أنّ المليارات التي أُنفِقت على تسليحه قد ذهبَت أدراجَ الرياح، وأنّ الحاجة ماسّةٌ لإعادة توحيد صفوفه وتدريبه وتسليحه، وهذا يتطلّب وقتاً وجهداً.

ما يُقلق الإدارة الأميركيّة هو الفوضى النفطيّة في العراق، والتي تأتي نتيجةً طبيعيّة للفوضى الأمنية والسياسيّة السائدة. المجتمع العراقي ينهار. أسُس التماسك شِبه معدومة.

الأقلّيات تُواجه مصيرَها لوحدها، وتبحث عن أوطان جديدة. الأقاليم القائمة على اصطفافات مذهبيّة حادّة لم تعُد تشكّل الضمان، ولا الحَلّ. البحث الجدّي عن نظام فيدرالي في العراق يفترض أن تسبقه أرضيّة اقتصاديّة يمكن البناء عليها. وخارج هذه المعادلة ما يُبنى على الرمال تنثره رياح التطوّرات.

يريد أوباما مرحلةً جديدة في العراق، عليه أن يُرمّم الماضي. «الدولة الإسلاميّة» (داعش) لا تزال قائمة، تتمدّد حدودها، أو تتقلّص تبعاً للمستجدّات وتطوّرات الظروف، لكن كلّ يوم يمر تكتسب فيه مزيداً من الاستمراريّة.

في صفوف الديبلوماسيين من يقول إنّ التصويب الأميركي على العراق، فيما الهدف سوريا. التعاون الذي ينشده كيري مع إيران لمعالجة الملف العراقي، يسري على سوريا أيضاً. هل من معالم «صفقة»؟ كلّ الاحتمالات واردة.

تتخوّف المخابرات الروسيّة من استهداف بعض مواقع النظام في دمشق بغارات التحالف الدولي لحملِه على الانصياع الى تسوية تُفرَض عليه في جنيف. سارَع وزير الخارجيّة وليد المعلّم إلى زيارة موسكو. لوَّحَ بالحصول على صواريخ أرض – جوّ متطوّرة. إعلاُنه بمثابة إخبار وإنذار لدوَل التحالف،»إذا قام طيرانكم بمغامرة كهذه فحقّ الدفاع عن النفس مشروع».

أين يقف الإيراني من كلّ هذا؟ الجواب المتداوَل في الكواليس، أنّ الأميركيّين اقتنعوا بأهمّية دوره في المنطقة، لذلك بدأت سياسة الانفتاح والتعاون، وستتّسع حلقاتها.

إسرائيل منزعجة، وتريد الإطاحة بأيّ تفاهم أو تقارب أميركي مع طهران. لبنان ساحتُه مؤاتية لتوجيه الرسائل، وتسديد الحسابات، ما يجري في مثلّث العرقوب – مزارع شبعا – البقاع الغربي، ليس مجرّد غيمة صيف. شدُّ الأحزمة واجب، تريد إسرائيل «دفرسوارا» من خلال هذه المنطقة لتغيير قواعد اللعبة في الجولان، وفرضِ شروطها في أيّ حلّ أو تسوية للأزمة السوريّة، واستتباعاً للأزمة اللبنانية… وفي ظلّ الفوضى العارمة، كلّ الاحتمالات واردة.