Site icon IMLebanon

كونسورتيوم نفطي يقضي على أحلام اللبنانيين

ركّز «اعلان أثينا» على الملفات السياسية، وبدت القمة الثلاثية مهتمة بمكافحة الارهاب، وحل أزمات دول الجوار، وفي مقدمها القضية الفلسطينية. لكن الواقعية تفرض التأكيد، ان ملف الغاز والنفط كان المحور الاساسي في هذه المحادثات. فهل فقد لبنان موقعه نهائياً في كونسورتيوم النفط في المنطقة؟

في العاشر من كانون الاول الجاري انعقدت في العاصمة اليونانية قمة ثلاثية جمعت الرئيس المصري عبدالفتاح السيسى ونظيره القبرصى نيكوس أنستاسيادس، ورئيس وزراء اليونان أليكسيس تسيبراس. وفي ختام المحادثات صدر بيان مشترك تطرق الى ملفات عديدة ومتشعبة، لكنه لم يشر بوضوح الى ملف النفط والغاز في منطقة حوض المتوسط.

ولم يرِد هذا الموضوع سوى على لسان رئيس الوزراء اليوناني الذي كشف ان المحادثات تطرقت الى «تطورات الطاقة، وحقل «ظُهر» في مصر، والمزيد من استغلال الحقول القبرصية، ودفع موضوع أنابيب الطاقة من خلال اليونان، وتطوير مراكز الطاقة في شرق المتوسط، واتفقنا على الإسراع بمشاورات لرسم المناطق البحرية، حيثما يمكن ذلك، ويكون على أساس القانون الدولي، وهذا التعاون ليس ضد بلد ثالث، ولكنه دعوة مفتوحة إلى رسم مناطق لحدود بحرية على أساس القانون الدولي».

كلام تسيبراس سلّط الضوء على الهدف الاول للقمة، التي جمعت ثلاث دول تشكل مع دول اخرى نصف دائرة تستحوذ على اكثر من خمسين في المئة من الجهة الشرقية لحوض البحر الابيض المتوسط. واذا اضفنا اسرائيل، التي تنسّق مواقفها مع هذه الدول ترتفع النسبة الى اكثر من ستين في المئة.

هذا التنسيق الرباعي يضع 3 بلدان متصلة بهذه الدول خارج المعادلة هي تركيا وسوريا ولبنان. واذا استثنينا سوريا التي تمر في اوضاع استثنائية لا تسمح لها بأن تكون على طاولة المفاوضات، يبقى لبنان وتركيا. والأخيرة تواجه لوحدها، في حين تحاول الدول الاربع طمأنتها وتحييدها قدر المستطاع. اما لبنان، فانه في وضع المتفرّج مع ان الملف يعنيه بشكل مباشر.

لقد صار معروفا ان مشروع خط انابيب الغاز الذي قد يمر عبر اليونان اصبح على نار حامية، بعد التطورات العسكرية في المنطقة، حيث تلعب قبرص دورا محوريا كمحطة يقام فيها معمل تسييل الغاز.

وأظهرت التطورات وجود جدوى اقتصادية للمشروع، بالاضافة الى جدواه الاستراتيجية والسياسية. وتلعب اسرائيل دورا محوريا في هذا المشروع، وهي تطمح في ان تكون ضمن كونسورتيوم نفطي في المنطقة، يُصدّر الغاز الى أوروبا.

من هنا تبدو المبادرة التي أطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في محلها، خصوصا ان الدول الاربع تبحث عن ترسيم الحدود الاقتصادية للمياه في المتوسط، في حين ان لبنان يواجه مشكلة في هذا الموضوع. لكن هذا التحرّك اللبناني تأخر كثيرا، لأن البعض يعتقد ان القطار قد فاتنا، واننا بتنا ننتظر على محطة من دون سكة.

وقد تبيّن ان الشركات العالمية التي كانت مستعدة للقدوم الى لبنان للتنقيب عن الغاز واستخراجه فقدت حماستها، اولا بسبب ما واجهته من تعقيدات في البلد وتجاذبات جعلتها تشعر بأنها تدخل الى بلد غير مستقر، وثانيا، بسبب تراجع اسعار النفط بنسب خيالية حيث أصبحت الجدوى الاقتصادية شبه معدومة، وثالثا، لأن التحالفات الاقليمية باتت تشكل اغراء لهذه الشركات، على عكس لبنان الذي يغرّد منفردا في سوق يحتاج الى تحالفات كبيرة وواسعة لكي يكون مجديا اقتصاديا.

الى هذه المعوقات، فان التحرّك اللبناني في اتجاه ملف النفط يأتي في ظروف لا تبشّر بالخير. واذا كان هذا الملف الحيوي قد سقط نتيجة التجاذبات السياسية وسياسة توزيع الحصص عندما كان هناك رئيس للجمهورية، وحكومة تعمل وتنتج، ومجلس نيابي يشرّع، فهل يمكن لهذا الملف ان ينجح في العبور الى بر الآمان في ظل فراغ رئاسي، وحكومة مُعطّلة عاجزة عن الاجتماع، ومجلس نيابي مشلول بحكم الفراغ الرئاسي؟