Site icon IMLebanon

إحتفالية التنقيب والأوهام اللبنانية

 

الاحتفالية ببدء التنقيب عن النفط والغاز في البلوك الرقم 4 قبالة الشاطئ الشمالي لبيروت كانت لتمر طبيعية نظراً إلى الحاجة لتعلّق اللبنانيين بقشة في بحر الأزمات المتوالدة التي يتخبط فيها لبنان ومعه القيمون على إنقاذه منها واتخاذ القرارات المطلوبة لذلك. ولو كانت أوضاع اللبنانيين أفضل لكان لهذه الاحتفالية وقع أفضل عليهم.

 

المهم ألا يتعلق المسؤولون بنقطة نفط بعدما أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اللبنانيين أن بدء التنقيب “سيشكّل حجر الأساس للصعود من الهاوية، ومحطة جذرية لتحوّل اقتصادنا من اقتصاد ريعي نفعي الى اقتصاد منتج”.

 

مع أهمية بدء العملية الاستكشافية التي تتطلب نفساً طويلاً، الأسوأ هو أن يراهن اللبنانيون على الثروة الدفينة كي تنقذهم من المأزق الاقتصادي المالي الراهن. ولا حاجة للتكرار بأن تقدير وجود كميات تجارية من النفط أو الغاز يمكن الاستثمار فيها، غير ممكن إلا بعد أن تنتهي السفينة الحفارة من عملها، ثم تقييم نتائج الحفر، فإذا سارت الأمور على ما يرام، فلن يتمكن لبنان من الإفادة مما يختزنه قاع البحر إلا بعد مدة تراوح بين 5 و7 سنوات. وهذا يشكل مسافة زمنية طويلة بين معالجات الخطر الداهم لاحتمال الانهيار اللبناني الكامل إذا لم تتم معالجة تخلف لبنان عن تسديد ديونه، وإذا لم توضع خطة متوسطة المدى (من 3 إلى 5 سنوات) تستدرج الدعم الخارجي الذي لا بد منه، وتضمن حقوق صغار المودعين التي استهلكتها ممارسات الطبقة الحاكمة بالهدر والفساد والمحاصصة…

 

بالإضافة إلى أن لبنان يأتي متأخراً قياساً إلى جيرانه في شرق البحر الأبيض المتوسط، على سوق المنافسة، فإنه يأتي متخلفا أيضاً على المقاربة الحديثة لأسواق الطاقة ودورها في اقتصادات الدول. بات الاعتماد على مردود النفط أقرب إلى الاقتصاد الريعي، منه إلى الاقتصاد المنتج. ولهذا السبب تجهد الدول النفطية ليس فقط لتنويع اقتصاداتها، بل أيضاً للاعتماد على الطاقة البديلة والنظيفة.

 

من دون التقليل من الحد الأدنى الممكن لإفادة لبنان، من عمليات الاستكشاف، وهو الاكتفاء الذاتي من الطاقة، فإن أي فائدة مرتجاة، إذا بقيت مسخرة إخضاع إقامة البنية التحتية للكهرباء للتجاذب والمحاصصة والمنافع، تصبح كارثة.

 

الأسوأ أيضاً أن يعتقد بعض الجهابذة بإمكان البناء على اكتشاف النفط والغاز من أجل المزيد من الاستدانة مقابل الثروة الدفينة، وأن تبدأ البازارات التي يجول في خاطر البعض افتتاحها، باستهلاك السمك وهو في البحر. عندها سيكون الأمر أشبه بعملية نهب جديدة للبنانيين. لهذا تمنى بعض اللبنانيين ألا يتم استكشاف النفط والغاز في ظل التركيبة الحاكمة.

 

سياسياً لا تفيد مصادرة فريق لنعمة مجيء سفينة الحفر والاستكشاف إلى الشاطئ اللبناني باعتبار أنه هو من كان وراءها، في التبرؤ من المسؤولية عما يغرق لبنان فيه راهناً. تقتضي الأمانة والحقيقة التذكير بمن سعوا لخطوات عملية قبل عشرات السنين، منهم رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، والذي حالت الهيمنة السورية دون استكماله الاستكشاف العام 1993.

 

بعد التغني بقانون الشفافية في قطاع النفط، يفترض الكشف عن العقود التي أبرمت مع شركات الخدمات التي ترافق عمليات الحفر. من استفاد منها ومن هم الشركاء المحليون فيها؟